ثم إن الله تعالى عزى رسوله صلى الله عليه وسلم وأخبره أن تكذيب الأمم أنبياءهم ليس ببِدْع، فذلك قوله تعالى: { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ * فَقَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ مَا هَـٰذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ } وقد سبق تفسير ذلك كله. { يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ } أي: يطلب الفضل عليكم، ونظيره قولهم:{ وَتَكُونَ لَكُمَا ٱلْكِبْرِيَآءُ فِي ٱلأَرْضِ } [يونس: 78]. { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ } أن لا يعبد سواه { لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً } تبلغ عنه ولم يرسل بشراً آدمياً، { مَّا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا } الذي تحضّنا عليه وتدعونا إليه من التوحيد { فِيۤ آبَآئِنَا ٱلأَوَّلِينَ } يريدون: الأمم السالفة. { إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ } أي: جنون. وقيل: جِنٌ يخبلونه. { فَتَرَبَّصُواْ بِهِ حَتَّىٰ حِينٍ } أي: انتظروا به الموت. وقيل: المعنى: احتملوه واصبروا عليه إلى زمان حتى ينجلي أمره، فإن أفاق من جنونه وإلا قتلتموه.