الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ } * { ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ } * { ثُمَّ خَلَقْنَا ٱلنُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا ٱلْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا ٱلْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا ٱلْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ } * { ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذٰلِكَ لَمَيِّتُونَ } * { ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ }

قوله تعالى: { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ } قال سلمان الفارسي: المراد بالإنسان: آدم عليه السلام.

وإنما قيل له سلالة؛ لأنه استُلَّ من جميع الأرض. وإلى هذا المعنى ذهب قتادة.

وقيل: المراد بالإنسان: ولد آدم، وهو اسم جنس يقع على الجميع.

فعلى هذا؛ " السلالة ": النطفة، سُميّت بذلك؛ لأنها استُلَّتْ من الطين، وهو آدم عليه السلام.

والقولان عن ابن عباس.

وقال عكرمة: " السلالة ": الماء يُسَلُّ من الظهر سَلاًّ.

{ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً } يعني: جعلنا جوهر الإنسان نطفة بعد أن كان طيناً، { فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ } وهو الرَّحم.

والمَكِين: الحَرِيز.

وما بعده مُفسّر في الحج إلى قوله: { فَخَلَقْنَا ٱلْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا ٱلْعِظَامَ لَحْماً } وقرأ ابن عامر وأبو بكر عن عاصم: " عظماً " على التوحيد في الموضعين، على إرادة الجمع بلفظ الواحد لزوال اللبس، فإن الإنسان ذو عظام كثيرة، كما قال:
.........................     في حلْقِكُم عظمٌ وقد شَجِينا
يريد: في حُلُوقِكُم.

قوله تعالى: { ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ } هو استواء الشباب.

وقال الحسن: كونه ذكراً أو أنثى.

وقيل: ما [أودع] فيه من العقل والفهم.

{ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ } أي: المقدِّرين والمصوِّرين.

وفي الحديث: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية وعنده عمر، فلما بلغ قوله تعالى: { ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ } قال عمر: فتبارك الله أحسن الخالقين. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد ختمت بما تكلمت به يا ابن الخطاب "

فإن قيل: هل من [خالق] غير الله حتى [قال]: { أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ }؟

قلتُ: قد سبق فيما مضى أن الخلق في اللغة: التقدير، ومنه:
ولأنْتَ تَفْري ما خَلَقْتَ وَبَعْـ    ـضُ القوم يخلُقُ ثم لا يَفْرِي
فالمعنى: أحسن المقدرين والصانعين للأشياء.

قوله تعالى: { ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذٰلِكَ } أي: بعد تمام الخلق { لَمَيِّتُونَ } عند انقضاء آجالكم.

وقرأ أبو رزين العقيلي وعكرمة: " لمايتون ".

قال الفراء: العرب تقول لمن لم يمت: إنك مائتٌ عن قليل وميّتٌ، ولا يقولون للميت الذي قد مات: هذا مائت، إنما يقال في الاستقبال فقط.