الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ } * { قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ ٱلْعَآدِّينَ } * { قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } * { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ } * { فَتَعَالَى ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْكَرِيمِ }

{ قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ } أي: قال الله تعالى، أو قال من أمره الله بسؤال الكافرين يوم البعث، وقيل: بعد حصولهم في النار.

وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي: " قل " على الأمر، على معنى: قل أيها الكافر المسؤول عن قدر لبثه، أو قل أيها المَلَكُ للكفار: كم لبثتم.

{ فِي ٱلأَرْضِ } يعني: في الدنيا، وقيل: في القبور، { عَدَدَ سِنِينَ }.

قال الزجاج: " كم " في موضع نصب بقوله: " كم لبثتم " ، و " عدد سنين " منصوب بـ " كَمْ ".

{ قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ } استقصروا مدة لبثهم في القبور، وإن كانوا معذَّبين؛ لأن عذابهم فيها بالنسبة إلى عذاب الآخرة كلا عذاب.

أو نقول على القول الأول: استقصروا مدة الحياة؛ لأنها أيام راحتهم، وأيام السرور قِصَار. أو لأن ما تقضّى من الزمان كأن لم يكن.

{ فَسْئَلِ ٱلْعَآدِّينَ } قال مجاهد: هم الملائكة الذي يحفظون أعمال بني آدم ويُحْصُونها عليهم.

وقال قتادة: هم الحُسَّاب.

وقرأ الحسن البصري والزهري: " العَادِين " بالتخفيف، على معنى: سَلِ الظَّلَمَة الفَجَرَة فإنهم يقولون كما نقول.

وقُرئ: " العاديِّين " القدماء المعمِّرين، فإنهم يستقصرونها فكيف بمن دونهم؟.

{ قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ } أي: قال الله.

وقرأ حمزة: " قل " على الأمر، أي: قل أيها المَلَكُ السائل، أو الكافر المسؤول إن لبثتم في الدنيا أو في القبور { إِلاَّ قَلِيلاً } زمناً قليلاً، وسُمِّي قليلاً؛ لتناهيه، فإن كل متناه قليل وإن طال.

{ لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } أي: لو علمتم مقدار لبثكم. وفي هذا دليل على جهلهم مقدار لبثهم.

قال ابن عباس: أنساهم الله تعالى قدر لبثهم، فَيُرَوْنَ أنهم لم يلبثوا إلا يوماً أو بعض يوم؛ لعظيم ما هم بصدده من العذاب نسوا ذلك.

قوله تعالى: { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً } العَبَثُ: اللِعبُ وفعل الشيء لا لغرض صحيح. ونصبه على الحال، على معنى: عابثين، وهو اختيار سيبويه، أو هو مفعول لأجله، أي: للعبث.

قال ابن [عباس]: كما خُلقت البهائم لا ثواب لها ولا عقاب [عليها]..

{ وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ } الأظهر أنه معطوف على " أنما خلقناكم " ، ويجوز أن يكون معطوفاً على " عبثاً " ، على معنى: [للعبث] ولترككم غير مرجوعين.

قوله تعالى: { فَتَعَالَى ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ } أي: تعظّم وارتفع عما يصفه الجاهلون عن الشريك والولد. " الملك الحق " أي: الملك الثابت الذي لا يزول مُلْكُه، أو الحق الذي يحق له الملك.

{ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْكَرِيمِ } أي: السرير الحسن، والكريم في صفة الجماد بمعنى: الحسن.

وقيل: وصَفَ العرش بالكرم؛ لأن الرحمة تنزل منه والخير والبركة.

وقيل: لنسبته إلى أكرم الأكرمين، كما يقال: بيت كريم؛ إذا كان ساكنوه كراماً.

وقرأ ابن محيصن: " الكريمُ " بالرفع، صفة للرب عز وجل، ونحوه:ذُو ٱلْعَرْشِ ٱلْمَجِيدُ } [البروج: 15].