الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ } * { ٱلَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ } * { وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنِ ٱللَّغْوِ مُّعْرِضُونَ } * { وَٱلَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَـاةِ فَاعِلُونَ } * { وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ } * { إِلاَّ عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ } * { فَمَنِ ٱبْتَغَىٰ وَرَآءَ ذٰلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْعَادُونَ } * { وَٱلَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ } * { وَٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْوَارِثُونَ } * { ٱلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }

قوله: { قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ } قال الفراء: " قد " هاهنا يجوز أن تكون تأكيداً لفلاح المؤمنين، ويجوز أن تكون تقريباً للماضي من الحال؛ لأن " قد " تُقرّب الماضي من الحال حتى تلحقه بحكمه، ألا تراهم يقولون: " قد قامت الصلاة " قبل حال قيامها، فيكون المعنى في الآية: أن الفلاح قد حصل [لهم] وأنهم عليه في الحال.

وقال الزمخشري: " أفلح " دخل في الفلاح، كأبْشَرَ: دخل في البشارة، ويقال: أفلحه: أصاره إلى الفلاح، وعليه قراءة طلحة بن مصرّف: " أُفْلِحَ " ، على البناء للمفعول.

وقال ابن عباس: معناه: قد سَعِدَ المصدِّقون وبَقُوا في الجنة.

قوله تعالى: { ٱلَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ } قال أبو هريرة: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلَّى رفع بصره إلى السماء، فنزلت: { ٱلَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ } ، فنكَّس رأسه "

قال ابن عباس: خشع من خوف الله، فلا يعرف مَنْ على يمينه ولا مَنْ على يساره.

وقال بعض أرباب الإشارات: يحتاج المصلي إلى أربع خلال حتى يكون خاشعاً: إعظام المقام، وإخلاص المقال، واليقين التام، وجمع الهمّ.

وقال عصام بن يوسف لحاتم الأصم: هل تُحسن تُصلي؟ قال: نعم، قال: ممن تعلمت؟ قال: من شقيق بن إبراهيم. قال: كيف تصلي؟ قال: إذا تقارب وقت الصلاة أسبغت [الوضوء]، ثم أستوي في الموضع الذي أُصلِّي فيه حتى يستقر كل عضو مني، وأرى الكعبة بين حاجِبيَّ، والمقام حيال صدري، والله فوقي، وكأنّ قدميَّ على الصراط، والجنة عن يميني والنار عن شمالي، ومَلَكُ الموت من خلفي، وأظن أنها آخر صلاتي، ثم أُكَبِّرُ بإخبات، وأقرأ بالتفكُّر، وأركع بالتواضع، وأسجد بالتضرع، ثم أتشهد على الرجاء، وأُسلِّم بالإخلاص، وقد أدَّيتها بأكل الحلال، وأنا بين الخوف والرجاء، لا أدري قُبلت أم رُدّت. فقال: يا حاتم هكذا صلاتك؟ قال: هكذا صلاتي منذ ثلاثين سنة. فبكى عصام وعانقه طويلاً حتى ابتلّ رداؤه.

قوله تعالى: { وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنِ ٱللَّغْوِ مُّعْرِضُونَ } قال الزجاج: " اللغو " كل باطل ولهو وهَزْل ومعصية، وما لا يجمل في القول والفعل. وهذا يشمل قول ابن عباس: هو الشرك، وقول الحسن: المعاصي، وقول السدي: الكذب.

وقال مقاتل: اللغو: ما كانوا يسمعونه من الكفار من الشتم والأذى.

قوله تعالى: { وَٱلَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَـاةِ فَاعِلُونَ } أي: مُؤدُّون، فعبّر عن التأدية بالفعل؛ لأنه فِعْل.

قال صاحب الكشاف: الزكاة: اسم مشترك بين عين ومعنى. فالعين: القدر الذي يخرجه المُزَكِّي من النصاب إلى الفقير. والمعنى: فعل المزكي الذي هو التزكية، وهو الذي أراده الله تعالى، فجعل المزكِّين فاعلين له، ولا يسوغ فيه غيره؛ لأنه ما من مصدر إلا يعبر عن معناه بالفعل ويقال لمحدّثه: فاعل، تقول للضارب: فَاعِلُ الضَّرب، وللقاتل: فاعل القتل، وللمزكِّي: فاعل التزكية.

السابقالتالي
2