الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ومِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ } * { ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ لَهُ فِي ٱلدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ } * { ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّٰمٍ لِّلعَبِيدِ }

قوله تعالى: { ومِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ } سبق من قبل ذكر سبب نزولها.

قوله تعالى: { ثَانِيَ عِطْفِهِ } نصبٌ على الحال من الضمير في " يجادل " ، والتقدير: ثانياً عِطْفَهُ -بالتنوين-، لكنه أضاف اسم الفاعل وإن أراد به الحال؛ لأنه في تقدير الانفصال، ومثله:هَدْياً بَالِغَ ٱلْكَعْبَةِ } [المائدة: 95]، وكُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ } [آل عمران: 185]، ومُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ } [الأحقاف: 24].

والعِطْف: الجانب، وعِطْفا الرَّجُل جانباه عن يمين وشمال، وهو الموضع الذي يعطفه الإنسان، أي: يلويه ويميله عند الإعراض عن الشيء.

قال الزجاج: وجاء في التفسير: لاَوِياً عُنُقَه.

وقال غيره: ثَنْيُ العِطْفِ مجازٌ عن الكِبْر والخُيَلاء، والتقدير: ومن الناس من يجادل في الله مُتكبراً آنفاً من اتّباع الحق.

{ لِيُضِلَّ } وقرئ: " ليَضِلَّ " وقد سبق ذكره، واللام في " ليضل " - بفتح الياء وضمّها -: لام الصيرورة والعاقبة. { لَهُ فِي ٱلدُّنْيَا خِزْيٌ } ذُلٌّ وهوان، فإنه أُسر يوم بدر [وقُتِلَ] صَبْراً بالصَّفْراء. وقد تقدم ذكره في الكتاب.

وقيل: نزلت هذه الآية في أبي جهل، ولقد شاهد اللعين يوم بدر من أنواع الهوان ما أسخن عينه، ولقد وطئ ابن مسعود بأخْمَصِهِ صفحة عنُقِه يوم بدر وهو في آخر رَمَقٍ، فقال: لقد ارتقيتَ مُرتقى صَعْباً يا رُوَيْعِ الغَنَم. { وَنُذِيقُهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } مُنْضَمّاً إلى الخزي الذي أصابه في الدنيا، { عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ } وهو عذاب النار.

{ ذٰلِكَ } الخزي والعذاب { بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ } من الكبر والكفر، { وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّٰمٍ لِّلعَبِيدِ } سبق تفسيره.