قوله تعالى: { لِّكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً } سبق تفسيره في هذه السورة. { هُمْ نَاسِكُوهُ } عاملون به. { فَلاَ يُنَازِعُنَّكَ فِي ٱلأَمْرِ } قال المفسرون: يعني: في الذبائح، وذلك أن كفار قريش وخزاعة خاصموا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر الذبيحة، فقالوا: كيف تأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتله الله؟ يعنون: الميتة. وقيل: هو نهي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أي: لا تلتفت إلى قولهم ولا تمكِّنهم من أن ينازعوك، أو هو زجر لهم عن التعرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالمنازعة في الدين، وهم جُهّال لا علم عندهم. وقال الزجاج: هو نهي له عن منازعتهم، كما تقول: لا يُضَاربنَّكَ فلان، أي: لا تضاربه. وهذا جائز في القول الذي لا يكون إلا بين اثنين. ولا يجوز هذا في قولك: لا يَضربنَّكَ فلان وأنت تريد: لا تضْربَنَّه. قوله تعالى: { وَٱدْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ } أي: إلى دينه والإيمان به، { إِنَّكَ لَعَلَىٰ هُدًى مُّسْتَقِيمٍ }. قال الزمخشري: المراد: زيادة التثبيت لرسول الله صلى الله عليه وسلم بما يهيج حميته ويُلْهِبُ غضبه لله تعالى ولدينه، ومنه قوله:{ وَلاَ يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ ٱللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ } [القصص: 87]،{ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكَينَ } [الأنعام: 14]،{ فَلاَ تَكُونَنَّ ظَهيراً لِّلْكَافِرِينَ } [القصص: 86]. وهيهات أن ترتع همة رسول الله صلى الله عليه وسلم حول ذلك الحمى، ولكنه وارد على ما قلت لك من إرادة التهييج والإلهاب. قوله تعالى: { وَإِن جَادَلُوكَ } أي: خاصموك في أمر الذبيحة والدين وأبوا إلا الإصرار على المكابرة والمعاندة { فَقُلِ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ } من التكذيب. المعنى: وهو لكم مُجاز. { ٱللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ } أيها المسلمون والمشركون { يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } حكم فصل وجزاء { فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } في الدنيا من أحكام الدين. فصل أكثر المفسرين يقولون: هذا منسوخ بآية السيف، وبعضهم يقول: هذا في حق المنافقين وكانت تظهر منهم فَلَتاتٌ، فإذا عوتبوا أنكروا وحلفوا وجادلوا. فعلى هذا: لا نسخ.