قوله تعالى: { ذٰلِكَ } أي: ذلك النصر بسبب أنه سبحانه وتعالى قادر على الانتقام من الباغي. ومن قدرته: أنه { يُولِجُ ٱللَّيْلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱللَّيْلِ } وقد فسرنا ذلك في آل عمران. { وَأَنَّ ٱللَّهَ } تعالى { سَمِيعٌ } لأقوالهم، عليم بنياتهم ومقادير جزائهم. { ذٰلِكَ } الذي فعل من نصر المؤمنين وإيلاج أحد الجديدين في الآخر { بِأَنَّ ٱللَّهَ } أي: بسبب أن الله { هُوَ ٱلْحَقُّ } الثابت الإلهية، { وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ ٱلْبَاطِلُ }؛ لأنه لا ينفع ولا يضر ولا يقدر على شيء، { وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْعَلِيُّ } العالي على كل شيء بقدرته { ٱلْكَبِيرُ } الذي يَصْغُرُ كل شيء بالنسبة إلى عظمته. قوله تعالى: { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً } يعني: المطر { فَتُصْبِحُ ٱلأَرْضُ مُخْضَرَّةً } يعني: بالنبات. قال الخليل: معنى الكلام: التنبيه، كأنه قال: أتسمع أنزل الله من السماء ماء فكان كذا وكذا. وقال ثعلب: لو كان استفهاماً والفاء شرطاً لنَصَبْتَه. وقال الزمخشري: إن قلت: ما له رفع ولم ينصب جواباً للاستفهام؟ قلتُ: لو نصب لأعطى ما هو عكس الغرض؛ لأن معناه إثبات الاخضرار، فيقلب بالنصب إلى نفي الاخضرار. مثاله: أن تقول لصاحبك: ألم تر أني أنعمتُ عليك فتشكر. إن نصبْتَه فأنت نافٍ لشكره شاكٍ تفريطه، وإن رفعْتَه فأنت مُثْبِتٌ للشكر. { إِنَّ ٱللَّهَ } تعالى { لَطِيفٌ } باستخراج أرزاق عباده من بلاده، موصول إليهم فضله من حيث لا يشعرون، { خَبِيرٌ } بمصالحهم ومنافعهم. { لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } عبيداً وملكاً، { وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهُوَ ٱلْغَنِيُّ } عنهم، { ٱلْحَمِيدُ }: سبق تفسيره. وحاصل القول فيه: أنه فَعِيلٌ بمعنى مفعول أو فاعل، بمعنى: الحامد لأوليائه وأهل طاعته.