الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلاَ يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ } * { ٱلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ للَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ } * { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيٰتِنَا فَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ }

قوله تعالى: { وَلاَ يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ } أي: في شك مما ألقى الشيطان على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقولون: ما باله ذكرها بخير ثم ارتدّ عنها. وهذا قول سعيد بن جبير والأكثرين.

وقال ابن جريج: الكناية ترجع إلى القرآن.

وقيل: إلى الرسول صلى الله عليه وسلم.

ويجوز عندي: أن يعود الضمير إلى " صراط مستقيم " لقربه وصحة المعنى في ردّه إليه، واشتماله على القولين المذكورين في القرآن والرسول صلى الله عليه وسلم.

{ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغْتَةً } يعني: القيامة، { أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ } وهو ما أصابهم يوم بدر. هذا قول ابن عباس وجمهور المفسرين.

وقال الواحدي: حتى تأتيهم ساعة موتهم، أي: حتى يموتوا أو يقتلوا، وهو قوله: { أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ }.

فإن قيل: لم وصف يوم بدر بأنه عقيم؟

قلتُ: لأنه لم يُنْتِج [للكفار] خيراً، ولأنه لا مثل له؛ لقتال الملائكة فيه.

وقيل: أصل العقم في الولادة، يقال: امرأة عقيم: [لا تَلِد]، ورجل عقيم: لا يُولد له. وأنشدوا:
عَقِمَ النساءُ فلا يَلِدْنَ شبيهَه    إن النساءَ بمثلِهِ عُقْمُ
فوصفَ يوم الحرب بالعقيم؛ لأن النساء يقتُلْن أولادهن كأنهن عُقْمٌ لم يلدن.

قوله تعالى: { ٱلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ } يعني: يوم القيامة { للَّهِ } يعني: لله وحده لا شريك له ولا منازع.

{ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ } أي: بين المؤمنين والكافرين.

ثم بيّن الحكم والفصل بينهم فقال: { فَٱلَّذِينَ آمَنُواْ } إلى قوله: { عَذَابٌ مُّهِينٌ }.