الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ ٱللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ } * { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ } * { ٱلَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ وَلَوْلاَ دَفْعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا ٱسمُ ٱللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ } * { ٱلَّذِينَ إِنْ مَّكَّنَّاهُمْ فِي ٱلأَرْضِ أَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتَوُاْ ٱلزَّكَـاةَ وَأَمَرُواْ بِٱلْمَعْرُوفِ وَنَهَوْاْ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ ٱلأُمُورِ }

قوله تعالى: { إِنَّ ٱللَّهَ يَدْفَعُ عَنِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ } قرأ ابن كثير وأبو عمرو: " يَدْفَعُ ". وقرأ الباقون: " يُدَافِعُ " من المفاعلة، والمعنى واحد.

والمراد: إعلام العباد بنصره سبحانه وتعالى للمؤمنين، كما قال تعالى في موضع آخر:إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ } [غافر: 51]، ثم بيّن العلة في ذلك فقال: { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ } وهم الذين خانوا الله والرسول وجعلوا لله شركاء.

قوله تعالى: { أُذِنَ } قرأ نافع وأبو عمرو وعاصم: " أُذن " بضم الهمزة، وفتحها الباقون.

وقرأ نافع وابن عامر وحفص: { يُقَاتَلُونَ } بفتح التاء، وكسرها الباقون، والمعنى ظاهر.

قال المفسرون: كان المشركون بمكة يُؤْذُون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا شَكَوْا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم: اصبروا فإني لم أؤمر بالقتال، حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى هذه الآية، وهي أول آية نزلت في إباحة القتال.

ثم أشار إلى علة إباحته بقوله: { بِأَنَّهُمْ } أي: بسبب أنهم { ظُلِمُواْ } حيث أخرجوهم من ديارهم [وأموالهم].

وفي قوله تعالى: { وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ } ترغيب للمؤمنين في الالتجاء إليه والاعتماد عليه، وتعريض لهم بنصره إياهم.

ثم وصفهم فقال: { ٱلَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ } تقديره: أُذِنَ للمقاتلين المخرَجِين من ديارهم بغير حق. وما بين الصفة والموصوف جملة اعتراضية، كما في قوله تعالى:وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ } [الواقعة: 76]، ففصل بين الصفة والموصوف بقوله: " لو تعلمون ".

{ إِلاَّ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ } قال سيبويه: هذا من الاستثناء المنقطع. المعنى: لكن بأن قالوا ربنا الله، أي: أخرجوهم بسبب توحيدهم.

وقال الزجاج والزمخشري: " أن يقولوا " في محل الجرّ على الإبدال من " حق " ، أي: بغير موجب سوى التوحيد.

{ وَلَوْلاَ دَفْعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ } مُفسّر في البقرة.

{ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ } قرأ ابن كثير ونافع: " لهُدِمَتْ " بالتخفيف، وشدّده الباقون.

قال ابن عباس ومجاهد: يعني: صوامع الرهبان.

{ وَبِيَعٌ } جمع بِيعَة، وهي مُتعبّدات النصارى.

{ وَصَلَوَاتٌ } على حذف المضاف، أي: مواضع صلوات.

قال اللغويون: هي بالعبرانية صلوثا، فعُرِّبَت.

قال قتادة: هي كنائس اليهود.

وقال أبو العالية: مساجد الصابئين.

وقيل: هي الصلوات حقيقة، على معنى: ولولا دفع الله عن المسلمين بالمجاهدين لانقطعت الصلوات.

{ وَمَسَاجِدُ } قال ابن عباس: يريد: مساجد المسلمين.

قال الزجاج: معنى الآية: لولا دفع بعض الناس ببعض لهدمت في زمن موسى الكنائس، وفي زمن عيسى الصوامع والبِيَع، وفي زمن محمد صلى الله عليه وسلم المساجد.

وقوله تعالى: { يُذْكَرُ فِيهَا ٱسمُ ٱللَّهِ كَثِيراً } يجوز أن يكون مختصاً بالمساجد، ويجوز أن يكون شاملاً للأماكن المذكورة.

السابقالتالي
2