قال الله تعالى: { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } قال الزجاج: هو كناية عن ذكر الله تعالى. والمعنى: الذي سألتم تبيين نسبته: هو الله. و " أحد " مرفوع على معنى: هو أحد. المعنى: هو الله هو أحد. ويجوز أن يكون " هو " [للأمر]، كما تقول: هو زيد قائم، أي: الأمر زيد قائم. فالمعنى: الأمر الله أحد. قرأتُ على الشيخين أبي البقاء اللغوي وأبي عمرو الياسري لأبي عمرو من رواية أبي خلاد عن اليزيدي عنه: " أحدُ الله " بضم الدال وصلتها باسم الله من غير تنوين ولالتقاء ساكنين. { ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ } قال بعض المفسرين: الصمد: الذي يُصْمَدُ إليه في الحوائج. ويروى هذا مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم. يقال: صَمَدْتُ صَمْدَه؛ إذا قَصَدْتَ قَصْدَهُ. وقال الزجاج: الصَّمَد: السيد الذي ينتهي إليه السُّؤدد. قال الشاعر:
لقدْ بَكَّرَ النَّاعِي بخَيْرَي بني أسد
بعمرو بن ميمونٍ وبالسَّيِّدِ الصَّمَد
قال غيره: ومعنى هذا: أن السؤدد قد انتهى إليه، فلا سيد فوقه. وقال ابن عباس والحسن ومجاهد وعكرمة وقتادة والضحاك والسدي: الصَّمَد: الذي لا جوف له. قال ابن قتيبة: كأن الدال في هذا التفسير مبدلة عن تاء. وحكى الزجاج والخطابي: أن الصَّمد: الباقي بعد فَنَاء خلقه. قوله تعالى: { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } تكذيب لليهود والنصارى في قولهم: عزير ابن الله، والمسيح ابن الله. والمعنى: " لم يلد "؛ لأنه لا يجانس حتى يكونه له صاحبة من جنسه فيتوالدان، ويدل عليه قوله في موضع آخر:{ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَّهُ صَٰحِبَةٌ } [الأنعام: 101]، " ولم يولد "؛ لأن كل مولود محدث وجسم، وهو تعالى منزه عن ذلك. { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } قرأ حمزة: " كُفْواً " بسكون الفاء. وقرأ حفص: بالتثقيل وقلب الهمزة واواً، الباقون: بالتثقيل والهمز. وقد ذكرنا أنها لغات فيما مضى. قال أبي بن كعب: المعنى: لم يكن له مثل ولا عديل. قال مجاهد: لم يكن له صاحبة. قال قتادة: لا يكافئه أحد من خلقه. وفيه تقديم وتأخير، تقديره: لم يكن له أحد كفواً، لكنه راعى رؤوس الآي. قرأتُ على أبي الحسن علي بن أبي بكر، أخبركم أبو الوقت فأقرَّ به. وأخبرنا أحمد بن عبدالله العطار قال: أخبرنا أبو الوقت قال: أخبرنا الداودي، أخبرنا السرخسي، أخبرنا الفربري، حدثنا البخاري، حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، حدثنا أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " قال الله عز وجل: كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك. فأما تكذيبه إياي [فقوله]: لن يعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق بأهون عليّ من إعادته. وأما شتمه إياي فقوله: اتخذ الله ولداً، وأنا الأحد الصمد، لم ألد ولم أولد، ولم يكن لي كفواً أحد ".