الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلْكَافِرُونَ } * { لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ } * { وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ } * { وَلاَ أَنَآ عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ } * { وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ } * { لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ }

أخبرنا محمد بن محمد بن أبي بكر الهمذاني، أخبرنا عبدالرزاق بن إسماعيل بن محمد وابن عمه المطهر بن عبدالكريم بن محمد [قالا]: أخبرنا عبدالرحمن بن حمد الدوني، أخبرنا أبو نصر الكسار، أخبرنا أبو بكر السني، أخبرنا أبو عبدالرحمن -يعني: النسائي-، أخبرنا محمد بن عبدالله بن المبارك، حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن فروة بن نوفل، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما جاء بك؟ قال: جئت يا رسول الله لتعلمني شيئاً أقوله عند منامي، قال: إذا أخذت مضجعك فاقرأ: { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلْكَافِرُونَ } ثم نم على خاتمتها، فإنها براءة من الشرك ".

وبالإسناد قال أبو بكر السني: حدثني عبدالله بن محمد، حدثنا عبيدالله بن أحمد، حدثنا الحسن بن عمر بن شقيق، حدثنا عيسى بن ميمون، حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من قرأ في ليلة: " إذا زلزلت الأرض " كانت له كعدل نصف القرآن، ومن قرأ: " قل يا أيها الكافرون " كانت له كعدل ربع القرآن، ومن قرأ: " قل هو الله أحد " كانت له كعدل ثلث القرآن ".

قال عامة المفسرين: لما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة النجم بمكة على المشركين، وألقى الشيطان في قراءته ما ألقى، طمع مشركوا قريش فيه، فأتوه فقالوا له: تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: معاذ الله أن أشرك بالله غيره، فأنزل الله هذه السورة. فأتى المسجد وفيه صناديد قريش فقرأها عليهم، فأيسوا منه.

والمعنى: { لاَ أَعْبُدُ } في المستقبل من الزمان { مَا تَعْبُدُونَ } من الأصنام اليوم، { وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ } في المستقبل { ما أعبد } أي: من أعبده اليوم، وهو الله تعالى.

{ وَلاَ أَنَآ عَابِدٌ } أي: ولا كُنْتُ قطُّ عابداً فيما سلف { مَّا عَبَدتُّمْ }.

المعنى: ما فعلت ذلك في الجاهلية، فكيف تتوقعونه مني في الإسلام.

{ وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ } أي: ما عبدتم في زمان من الأزمان { مَآ أَعْبُدُ }. وهذا التقرير اختيار صاحب الكشاف، قال: لأن " لا " لا تدخل إلا على مضارع في معنى الاستقبال، ألا ترى أن " لن " تأكيد لما تنفيه " لا ".

قال الخليل: أصل " لن ": " لا أن ".

وقال الزجاج: المعنى: لا أعبد في حالي هذه ما تعبدون.

{ وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ * وَلاَ أَنَآ عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ } أي: ولا أعبد في المستقبل ما عبدتم.

{ وَلاَ أَنتُمْ } فيما تستقبلون { عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ }.

وقيل: هو تكرير فائدته: حسم أطماع المشركين من عبادة محمد صلى الله عليه وسلم آلهتهم.

قال مقاتل: نزلت هذه السورة في أبي جهل والمستهزئين، ولم يؤمن منهم أحد.

قوله تعالى: { لَكُمْ دِينُكُمْ } أي: شرككم، { وَلِيَ دِينِ } توحيدي.

وهذه مجاملة. أي: قد بُعثت إليكم لأرشدكم إلى الهدى، فإذا لم تتبعوني فَدَعُوني، ولا تَدْعُوني إلى الشرك.

وقيل: هو تهديد.

وبعضهم يقول: هو منسوخ بآية السيف.

واختلف القراء في " وَلِيَ دين "؛ فقرأ نافع وحفص وهشام: " ولِيَ " بفتح الياء، وأسكنها الباقون.

وأثبت الياء في " ديني " في الحالين يعقوب، وحذفها الباقون.