الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ ٱلْكَوْثَرَ } * { فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنْحَرْ } * { إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلأَبْتَرُ }

قال الله تعالى: { إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ ٱلْكَوْثَرَ } وقرأ الحسن: " أنْطَيْنَاكَ " ، وهما بمعنى واحد.

والكَوْثَر: فَوْعَلٌ من الكثرة.

والذي عليه جمهور المفسرين [وتدل] عليه الأخبار والآثار: أنه نهر في الجنة.

أخبرنا الشيخان أبو القاسم وأبو الحسن قالا: أخبرنا عبدالأول، أخبرنا عبدالرحمن، أخبرنا عبدالله، أخبرنا محمد، حدثنا البخاري، حدثنا آدم، حدثنا شيبان، حدثنا قتادة، عن أنس قال: " لما عرج بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء قال: أتيت على نهرٍ حافتاه قباب اللؤلؤ مجوفٌ، فقلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر ".

وبالإسناد قال البخاري: حدثنا خالد بن يزيد الكاهلي، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عائشة، قال سألتها عن قوله: { إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ ٱلْكَوْثَرَ }؟ قالت: " نَهْرٌ أُعْطِيَه نبيُّكُم صلى الله عليه وسلم، شاطئاه عليه دُرٌّ مجوّف، آنيته كعدد النجوم ".

وفي الصحيحين من حديث أنس قال: " بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا في المسجد، إذ أغفى إغفاءة، ثم رفع رأسه متبسماً فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ قال: أنزلت عليَّ آنفاً سورة، فقرأ: { بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ ٱلْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلأَبْتَرُ } ، ثم قال: هل تدرون ما الكوثر؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: فإنه نهر وعدنيه ربي عز وجل، [عليه] خيرٌ كثيرٌ، هو حوضٌ ترد عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عدد النجوم ".

وفي رواية: " وعدنيه ربي في الجنة، عليه حوضي " ، وساق الحديث.

وبالإسناد قال البخاري: حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا هشيم، حدثنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: " أنه قال في الكوثر: هو الخير الذي أعطاه [الله] إياه. قال أبو بشر: فقلت لسعيد بن جبير: فإن ناساً يزعمون أنه نهر في الجنة، قال سعيد: النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه ".

قوله تعالى: { فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنْحَرْ } قال قتادة: صَلِّ صلاة الأضحى.

وقال مجاهد: صلاة الصبح بالمزدلفة.

وقال مقاتل: صَلِّ الصلوات الخمس.

وأما قوله: { وَٱنْحَرْ } فقال عامة المفسرين: اذبح يوم النحر.

وقال علي عليه السلام: ضع اليمنى على اليسرى في الصلاة.

قال ابن جرير: ضعهما عند النحر في الصلاة. ويروى هذا المعنى مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

قال ابن عباس: قالت قريش: ليس لمحمد ولد، فسيموت وينقطع أثره، فأنزل الله تعالى سورة الكوثر إلى قوله: { إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلأَبْتَرُ }.

وفي رواية عن ابن عباس قال: نزلت في العاص بن وائل، لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم على باب المسجد فوقف يحدثه، ثم دخل العاص المسجد وفيه ناسٌ من صناديد قريش فقالوا له: من الذي كنت تحدث؟ فقال: ذلك الأبتر، وكان قد توفي قبل ذلك عبد الله ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا يسمون من ليس له ابن: أبتر، فأنزل الله هذه السورة.

وقيل: شانئه: أبو جهل.

وقيل: أبو لهب.

وقيل: عقبة بن أبي معيط.

والأبتر: المنقطع عن كل خير.