الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ ٱلْفِيلِ } * { أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ } * { وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ } * { تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ } * { فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ }

قال الله تعالى: { أَلَمْ تَرَ } قال الفراء: ألم تُخْبَر.

قال الزجاج: ألم تعلم. وقد سبق ذلك.

قال صاحب النظم: معناه: التعجيب.

وقد ذكرنا سبب مسيرهم لتخريب الكعبة، وهو قول ابن عباس وعامة المفسرين.

وقال مقاتل: كان السبب في ذلك: أن قوماً من قريش خرجوا في تجارة إلى أرض النجاشي، فنزلوا إلى جانب بِيعَة، فأوقدوا ناراً، فلما رحَلُوا أطارت الريح النار، فاضطرم الهيكل، وانطلق الصريخ إلى النجاشي، فأخبره فأسف عند ذلك غضباً للبِيعَة، فبعث أبرهةَ ليهدم الكعبة.

قوله تعالى: { أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ } يعني: مكرهم وسعيهم في تخريب الكعبة " في تضليل " عما قصدوا له، يريد: سعيهم ضل وبطل، كما قال:وَمَا كَـيْدُ ٱلْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ } [غافر: 25].

{ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ } قال ابن عباس ومجاهد: أبابيل: متتابعة يتبع بعضها بعضاً.

وقال ابن مسعود: متفرّقة من هاهنا ومن هاهنا.

قال أبو عبيدة: جماعات في تفرقة.

قال الفراء وأبو عبيدة: لا واحد لها.

وحكى الزجاج: واحدها: إبّالة. قال: وبعضهم يقول: واحدها: إبَّوْل، مثل: عِجَّوْل وعَجَاجِيل.

واختلفوا في صفتها ولونها؛ فقال ابن عباس: كان لهم خراطيم كخراطيم الطير، وأكفٌّ كأَكُفِّ الكلاب.

وقد ذكرنا عن ابن إسحاق: أنها كانت أمثال الخطاطيف.

وقال سعيد بن جبير: كانت خضراء.

وقال قتادة: بيضاء.

وقال [عبيد] بن عمير: سوداء.

وغير ممتنع أن تكون مختلفة الألوان، فلا منافاة بين الأقوال.

واختلفوا في صفة الحجارة؛ فقال ابن إسحاق كما حكيناه في سياق القصة.

وقال عبيد بن عمير: بل كان الحجر كرأس الرجل.

وقد سبق ذكر السِّجِّيل في هود، والعَصْف في الرحمن.

والمعنى: فجعلهم كزرع وتِبْن قد أكلته الدواب، ثم راثتْه، قد نَسَّ وتفرقت أجزاؤه، لكنه جاء على ما عليه آداب القرآن، كقوله:كَانَا يَأْكُلاَنِ ٱلطَّعَامَ } [المائدة: 75].

وقال ابن عباس: المأكول: الذي أكله الدود.

قال الزجاج: أي: جعلهم كورق الزرع الذي جَفَّ وأُكل، أي: وقع فيه الأكال.

وقيل: أُكل فبقي صِفْراً منه.

قال الزجاج: وجاء في التفسير: أن الله تعالى جلّ ذكره أرسل عليهم سيلاً، فحملهم إلى البحر. والله تعالى أعلم.