الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَلْهَاكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ } * { حَتَّىٰ زُرْتُمُ ٱلْمَقَابِرَ } * { كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ } * { ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ } * { كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ ٱلْيَقِينِ } * { لَتَرَوُنَّ ٱلْجَحِيمَ } * { ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ ٱلْيَقِينِ } * { ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ }

قال الله تعالى: { أَلْهَاكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ } وقرأ أبو بكر الصديق رضي الله عنه وابن عباس والشعبي: [ " أألهاكم " ] بهمزتين مقصورتين، على الاستفهام، بمعنى الإنكار والتوبيخ.

والمعنى: شغلكم التفاخر بكثرة الرجال الأشراف، ويدخل في ذلك: التكاثر بالأموال والأولاد.

{ حَتَّىٰ زُرْتُمُ ٱلْمَقَابِرَ } فعدَّدْتُم من فيها من أشرافكم.

وقيل: المعنى: حتى أدرككم الموت على تلك الحال.

وفي الصحيحين من حديث عبدالله بن الشخير أنه قال: " انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: { أَلْهَاكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ } قال: يقول ابن آدم: مالي مالي، وما لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت؟ ".

قوله تعالى: { كَلاَّ } ردعّ لهم ولكل عاقل عن أن يجعل ذلك وما أشبهه من أمور الدنيا الحائلة الزائلة أكبر همّه ومبلغ علمه.

ثم توعدهم فقال: { سَوْفَ تَعْلَمُونَ }.

ثم أكّد ذلك بقوله: { ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ } قال الحسن: هو وعيد بعد وعيد.

والمعنى: سوف تعلمون عاقبة تكاثركم وتفاخركم إذا نزل بكم سلطانُ الموت، وما بعده من القبر وأهوال القيامة، والمجازاة.

ثم كرر تنبيههم أيضاً فقال: { كَلاَّ }. وجواب: { لَوْ تَعْلَمُونَ } محذوف.

والمعنى: لو تعلمون ما بين أيديكم { عِلْمَ } الأمر { ٱلْيَقِينِ } أي: كعلمكم ما تستيقنونه من الأمور، أو لو تعلمون الأمر علماً يقيناً لشغلكم عن التكاثر.

ثم [توعدهم] أيضاً فقال: { لَتَرَوُنَّ ٱلْجَحِيمَ } وقرأ ابن عامر والكسائي: " لتُرَوُنَّ " بضم التاء.

{ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا } وقرأ يعقوب في رواية أبي حاتم: " لتُرَوُنَّها " بضم التاء.

{ عَيْنَ ٱلْيَقِينِ } أي: الرؤية التي هي نفس اليقين.

{ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ } قال الحسن: هو خاص بالكفار.

وقال قتادة: هو عام.

وهو الصحيح، فالمؤمن يُسأل عن الشكر، والكافر يُسأل سؤال توبيخ، لم قابل النِّعَم بالكفر.

وللمفسرين في النعَم أقوال كثيرة؛ قال ابن مسعود: الأمن والصحة.

وقيل: الماء البارد.

وقال الحسن: الغداء والعشاء.

وقال عكرمة: الصحة والفراغ.

وقيل: غير ذلك.

والصحيح: عمومها في صنوف نِعَم الله على الآدمي.

ومنه قوله صلى الله عليه وسلم حين أكل هو وأبو بكر وعمر رُطَباً وشربوا ماء: " هذا من النعيم الذي تُسألون عنه ".

وفي حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يقول الله عز وجل: ثلاثٌ لا أسأل عبدي عن شكرهن، وأسأله عما سوى ذلك، بيتٌ يسكنه، وما يقيم به صلبه من الطعام، وما يواري به عورته من اللباس " والله تعالى أعلم.