والقارعة: القيامة، سميت بذلك؛ لأنها تقرع القلوب. والعامل في قوله: { يَوْمَ يَكُونُ ٱلنَّاسُ } مُضمرٌ دل عليه " القارعة " ، أي: تقرع يوم يكون الناس { كَٱلْفَرَاشِ } ، وهو ما تراه يتهافت في النار، و { ٱلْمَبْثُوثِ } المتفرّق. وقال الكلبي: الذي يجول بعضه في بعض. شَبَّه سبحانه وتعالى الناس في كثرتهم وانتشارهم وضعفهم وذلتهم وتطايرهم إلى الداعي من كل مكان بالفراش المبثوث. { وَتَكُونُ ٱلْجِبَالُ كَٱلْعِهْنِ ٱلْمَنفُوشِ } وهو الصوف المصبوغ المندوف. وقد فسرناه في سأل سائل. وقد سبق ذكر الموازين في أول الأعراف. قوله تعالى: { فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ } أي: فمسكنه جهنم. وقيل لمسكنه: " أمُّه "؛ لأن أصل السكون إلى الأم. والهاوية: من أسماء جهنم، وهي المهواة لا يُدرك قعرها. ويدل على صحة هذا المعنى: ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا مات العبد تلقى روحه أرواح المؤمنين، فيقول له: ما فعل فلان؟ فإذا قال: مات، قالوا: ذُهِبَ به إلى أمه الهاوية، فبئست الأم [وبئست] المربيّة " وهذا المعنى قول ابن زيد، والفراء، وابن قتيبة، والزجاج. وقال عكرمة: أراد: أمّ رأسه، يهوي عليها في نار جهنم. قال قتادة: هي كلمة عربية، كان الرجل منهم إذا وقع في أمر شديد قالوا: هَوَتْ أمُّه، وأنشدوا:
هَوَتْ أمُّهُ ما يَبْعَثُ الصُّبْحُ غَادياً
[وماذا يرُدُّ الليلُ] حينَ يَؤُوب
{ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ } يعني: الهاوية. وعلى قول عكرمة: يريد: الداهية، التي دلّ عليها قوله تعالى: { فأمه هاوية }. ثم فسرها فقال: { نَارٌ } أي: هي نار { حَامِيَةٌ }. قرأ حمزة: " ما هِيَ " بغير هاء في الوصل، وقرأ الباقون: بالهاء في الحالين. قال الزجاج: الوقف: " هِيَهْ " ، والوصل " هي نار "؛ لأن الهاء دخلت في الوقف تبين فتحة الياء، والذي يجب اتباع المصحف فيوقف عليها ولا توصل؛ لأن السنة اتباع المصحف، والهاء ثابتة فيه. والله تعالى أعلم.