الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱلْعَادِيَاتِ ضَبْحاً } * { فَٱلمُورِيَاتِ قَدْحاً } * { فَٱلْمُغِيرَاتِ صُبْحاً } * { فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً } * { فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً } * { إِنَّ ٱلإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ } * { وَإِنَّهُ عَلَىٰ ذَلِكَ لَشَهِيدٌ } * { وَإِنَّهُ لِحُبِّ ٱلْخَيْرِ لَشَدِيدٌ } * { أَفَلاَ يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي ٱلْقُبُورِ } * { وَحُصِّلَ مَا فِي ٱلصُّدُورِ } * { إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ }

قال مقاتل: بَعَثَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سريةً إلى حيّين من كنانة، واستعمل عليهم المنذر بن عمرو الأنصاري، فأبطأ عنه خبرها، فجعل اليهود والمنافقون إذا رأوا رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تناجوا، فيظن الرجل أنه قد قُتِلَ أخوه أو أبوه أو عمه، فيجدُ من ذلك [أمراً عظيماً]، فنزلت: { وَٱلْعَادِيَاتِ ضَبْحاً } ، فأخبر الله تعالى كيف فعل بهم.

قال ابن عباس وجمهور المفسرين واللغويين: هي الخيل في سبيل الله تعدو فَتَضْبَح.

والضَّبْحُ: صوت أنفاسها إذا عَدَوْن، ليس بصهيل ولا حمحمة.

وعن ابن عباس أنه حكاه فقال: أح أح.

وانتصاب " ضَبْحاً " على: يَضْبَحْنَ ضبحاً، أو على الحال، أي: ضابحات.

ويروى عن علي وابن مسعود والسدي في آخرين: أنها الإبل في الحج.

قال علي عليه السلام: والعاديات من عرفة إلى مزدلفة، ومن مزدلفة إلى منى.

قال الشعبي: تمارى علي وابن عباس في قوله: { وَٱلْعَادِيَاتِ ضَبْحاً } فقال ابن عباس: هي الخيل، ألا تراه [يقول]: { فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً } فهل تُثيره إلا بحوافرها، وهل تَضْبَحُ الإبل، إنما تَضْبَحُ الخيل؟ فقال علي: ليست كما قلت، لقد رأيتنا يوم بدر وما معنا إلا فرسٌ أبلق للمقداد بن الأسود.

وفي رواية أخرى: وفرسٌ لمرثد بن أبي مرثد الغنوي.

وفي رواية أخرى: [فرسٌ] للمقداد، وفرس للزبير.

وقال بعضهم: من قال: هي الإبل؟ قال: ضبحاً يعني: ضبعاً تمد أعناقها في السير. وضَبَحَت وضَبَعَت بمعنًى واحد. قالت صفية بنت عبدالمطلب:
ألا والعادياتِ غَداةَ جَمْعٍ   بأيديها إذا سَطَعَ الغُبَار
قال صاحب الكشاف: إن صحت الرواية -[يعني]: عن علي عليه السلام- فقد استعير الضبح للإبل، [كما استعير] المشافر والحافر للإنسان.

قال: وقيل: الضَّبْحُ لا يكون إلا للفرس والكلب والثعلب.

وقيل: الضَّبْحُ بمعنى الضبع، يقال: ضَبَحَت الإبل وضَبَعَت؛ إذا مدَّت أضباعها في السير، وليس بثبت.

قوله تعالى: { فَٱلمُورِيَاتِ قَدْحاً } قال جمهور المفسرين واللغويين: هي الخيل إذا [جَرَت] فأصابت بحوافرها الحجارة، تُوري النار بقدحها. وتسمى تلك النار: نار الحباحب، وهو شيخ من جاهلية مضر من أبخل الناس، وكان لا يُوقد ناراً حتى ينام كل ذي عين، فإذا ناموا أوقد نويرة تخمد مرّة وتلوح أخرى، فإن استيقظ بها أحد أطفأها كراهية أن ينتفع بها أحد، فشبّهت العرب هذه النار بناره؛ لأنه لا يُنتفع بها.

وانتصب " قَدْحاً " بما انتصب به " ضَبْحاً ".

وقال قتادة: هي الخيل تُهَيِّجُ الحربَ ونارَ العداوة بين أصحابها وفرسانها.

وقال ابن عباس في رواية سعيد بن جبير: هي نيران المجاهدين إذا أُشعلت وأُكثرت إرهاباً.

وقال عكرمة: هي الألسنة، أُظْهِرَتْ بها الحجج، وأُقيمت بها الدلائل، وأُوضح بها الحق.

السابقالتالي
2 3