الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِن رَّجَعَكَ ٱللَّهُ إِلَىٰ طَآئِفَةٍ مِّنْهُمْ فَٱسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَّن تَخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَداً وَلَن تُقَاتِلُواْ مَعِيَ عَدُوّاً إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِٱلْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَٱقْعُدُواْ مَعَ ٱلْخَالِفِينَ } * { وَلاَ تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ } * { وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَٰلُهُمْ وَأَوْلَـٰدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي ٱلدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَٰفِرُونَ }

{ فَإِن رَّجَعَكَ ٱللَّهُ إِلَىٰ طَائِفَةٍ مّنْهُمْ } يعني: إن رجعك الله من تبوك إلى طائفة من المنافقين الذين تخلفوا { فَٱسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ } معك إلى غزوة أُخرى { فَقُلْ لَّن تَخْرُجُواْ مَعِىَ أَبَدًا } إلى الغزو { وَلَن تُقَـٰتِلُواْ مَعِىَ عَدُوّاً } ويقال معناه لن تخرجوا إلاّ مطوعين من غير أن تكون لكم شركة في الغنيمة { إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِٱلْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ } بالتخلف عن غزوة تبوك { فَٱقْعُدُواْ مَعَ ٱلْخَـٰلِفِينَ } يعني: مع المتخلفين الذين تخلفوا بغير عذر. ويقال الخالف الذي يخلف الرجل في أهله وماله. ويقال الخالف الذي خالف قومه. ويقال الخالف الفاسد ويقال الخالف المرأة والخوالف النساء. قوله تعالى: { وَلاَ تُصَلّ عَلَىٰ أَحَدٍ مّنْهُم مَّاتَ أَبَداً } يعني لا تصل أبداً على من مات من المنافقين { وَلاَ تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ } يعني: لا تدفنه { إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } في السر { وَمَاتُواْ وَهُمْ فَـٰسِقُونَ } يعني ماتوا على الكفر. قال مقاتل ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاء إليه عبد الله بن أُبَي بن سلول وهو رأس المنافقين حين مات أبوه فقال: أنشدك الله أن لا تشمت بي الأعداء. فطلب منه أن يصلي على أبيه. فأراد النبي أن يفعل. فنزلت هذه الآية. فانصرف النبي - عليه السلام - ولم يصل عليه وقال في رواية الكلبي: لما اشتكى عبد الله بن أُبَي بن سلول عاده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فطلب منه عبد الله أن يصلي عليه إذا مات وأن يقوم على قبره وأن يكفنه في القميص الذي يلي جلده، فقبل ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال عمر. فجئت إلى رسول الله - عليه السلام - حين أراد أن يصلي عليه، فقلت يا رسول الله أتصلي عليه وهو صاحب كذا وكذا؟ فقال " دعني يا عمر " ثم عدت ثانياً ثم عدت ثالثاً، فنزلت هذه الآية. وروى عكرمة عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد صلى عليه وقام على قبره وكفنه في قميصه فنزل { وَلاَ تُصَلّ عَلَىٰ أَحَدٍ مّنْهُم مَّاتَ أَبَداً } الآية. فنهي أن يصلي على أحد من المنافقين بعده. قال ابن عباس والله لا أعلم أي صلاة كانت؟ وما خادع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنساناً قط. وفي خبر آخر: " إنّ عمر قال: يا رسول الله أتصلي عليه وتعطيه قميصك وهو كافر منافق؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - «وما علمتَ يا عمر عسى أن يسلم بسبب هذا القميص خلق كثير ولا يغنيه قميص من عذاب الله شيئاً " فأسلم من أهاليه ومن بني الخزرج خلق كثير. وقالوا لولا أن عبد الله عرفه حقاً ما تبرك بقميصه وما طلب منه أن يصلي عليه. ثم قال تعالى { وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوٰلُهُمْ وَأَوْلَـٰدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُعَذّبَهُمْ بِهَا فِى ٱلدُّنْيَا } يعني بالأموال في الآخرة على وجه التقديم { وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَـٰفِرُونَ } قوله تعالى: { وَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ... }