الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِٱلْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ ٱللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } * { وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَٱلْمُنَافِقَاتِ وَٱلْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ ٱللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ } * { كَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ كَانُواْ أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً فَٱسْتَمْتَعُواْ بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاَقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ بِخَلاَقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَٱلَّذِي خَاضُوۤاْ أُوْلَـٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي ٱلدنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ }

{ ٱلْمُنَـٰفِقُونَ وَٱلْمُنَـٰفِقَاتُ } يعني: من الرجال والنساء { بَعْضُهُمْ مّن بَعْضٍ } يعني: بعضهم على دين بعض في السر { يَأْمُرُونَ بِٱلْمُنكَرِ } يعني: بالتكذيب بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وبالشرك وبما لا يرضي الله تعالى. ويقال: المنكر ما يخالف الكتاب والسنة { وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمَعْرُوفِ } يعني: عن التوحيد واتباع محمد - صلى الله عليه وسلم - { وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ } يعني: يمسكون أيديهم عن النفقة في سبيل الله ويقال كفوا عن الحق { نَسُواْ ٱللَّهَ } يقول: تركوا طاعة الله { فَنَسِيَهُمْ } يعني تركهم في النار ويقال تركهم في الحرمان والخذلان كقوله تعالىوَيَذَرُهُمْ فِى طُغْيَـٰنِهِمْ يَعْمَهُونَ } [الأعراف: 186] { إِنَّ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ هُمُ الْفَـٰسِقُونَ } يعني: الخارجين عن طاعة الله تعالى. وكل منافق فاسق وقد يكون فاسقاً ولا يكون منافقاً. ولا يكون منافقاً إلا وهو فاسق. ثم قال عز وجل: { وَعَدَ الله الْمُنَـٰفِقِينَ } الوعد يكون بالخير ويكون بالشر إذا قيد به والوعيد لا يكون إلاّ بالشر فقال { وَعَدَ الله الْمُنَـٰفِقِينَ وَٱلْمُنَـٰفِقَاتِ } يعني المنافقين الذين كانوا بالمدينة ومن كان على مذهبهم ويكون إلى يوم القيامة { وَٱلْكُفَّارَ } وهم أهل مكة ومن كان بمثل حالهم { نَارَ جَهَنَّمَ خَـٰلِدِينَ فِيهَا هِىَ حَسْبُهُمْ } يعني: تكفيهم النار جزاءً لكفرهم { وَلَعَنَهُمُ ٱللَّهُ } يعني: طردهم الله من رحمته { وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ } يعني: دائم. قوله { كَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ } يعني صنيعكم مع نبيكم كما صنع الأمم الخالية مع أنبيائهم - عليهم السلام -. وقال الضحاك: يعني: لعن المنافقين كما لعن الذين من قبلكم من الأمم الخالية. ويقال ولهم عذاب دائم كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ { كَانُواْ أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوٰلاً وَأَوْلَـٰدًا } يعني: لم ينفعهم أموالهم ولا أولادهم من عذاب الله شيئاً ولا ينفعكم أموالكم ولا أولادكم أيضاً { فَٱسْتَمْتَعُواْ بِخَلَـٰقِهِمْ } يعني: فانتفعوا بنصيبهم من الآخرة في الدنيا { فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلـٰقِكُمْ } كما يقول انتفعتم أنتم بنصيبكم من الآخرة في الدنيا { كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ } من الأمم الخالية { بِخَلَـٰقِهِمْ } أي بنصيبهم { وَخُضْتُمْ } في الباطل { كَٱلَّذِي خَاضُواْ } ويقال كذبتم الرسول كما كذبوا رسلهم { أُوْلَـٰئِكَ } يعني أهل هذه الصفة حبطت أعمالهم { حَبِطَتْ أَعْمَـٰلُهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلاْخِرَةِ } يعني: بطل ثواب أعمالهم. فلا ثواب لهم لأنها كانت في غير إيمان { وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَـٰسِرُونَ } يعني: في الآخرة. قوله تعالى: { أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ... }