{ ٱلْمُنَـٰفِقُونَ وَٱلْمُنَـٰفِقَاتُ } يعني: من الرجال والنساء { بَعْضُهُمْ مّن بَعْضٍ } يعني: بعضهم على دين بعض في السر { يَأْمُرُونَ بِٱلْمُنكَرِ } يعني: بالتكذيب بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وبالشرك وبما لا يرضي الله تعالى. ويقال: المنكر ما يخالف الكتاب والسنة { وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمَعْرُوفِ } يعني: عن التوحيد واتباع محمد - صلى الله عليه وسلم - { وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ } يعني: يمسكون أيديهم عن النفقة في سبيل الله ويقال كفوا عن الحق { نَسُواْ ٱللَّهَ } يقول: تركوا طاعة الله { فَنَسِيَهُمْ } يعني تركهم في النار ويقال تركهم في الحرمان والخذلان كقوله تعالى{ وَيَذَرُهُمْ فِى طُغْيَـٰنِهِمْ يَعْمَهُونَ } [الأعراف: 186] { إِنَّ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ هُمُ الْفَـٰسِقُونَ } يعني: الخارجين عن طاعة الله تعالى. وكل منافق فاسق وقد يكون فاسقاً ولا يكون منافقاً. ولا يكون منافقاً إلا وهو فاسق. ثم قال عز وجل: { وَعَدَ الله الْمُنَـٰفِقِينَ } الوعد يكون بالخير ويكون بالشر إذا قيد به والوعيد لا يكون إلاّ بالشر فقال { وَعَدَ الله الْمُنَـٰفِقِينَ وَٱلْمُنَـٰفِقَاتِ } يعني المنافقين الذين كانوا بالمدينة ومن كان على مذهبهم ويكون إلى يوم القيامة { وَٱلْكُفَّارَ } وهم أهل مكة ومن كان بمثل حالهم { نَارَ جَهَنَّمَ خَـٰلِدِينَ فِيهَا هِىَ حَسْبُهُمْ } يعني: تكفيهم النار جزاءً لكفرهم { وَلَعَنَهُمُ ٱللَّهُ } يعني: طردهم الله من رحمته { وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ } يعني: دائم. قوله { كَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ } يعني صنيعكم مع نبيكم كما صنع الأمم الخالية مع أنبيائهم - عليهم السلام -. وقال الضحاك: يعني: لعن المنافقين كما لعن الذين من قبلكم من الأمم الخالية. ويقال ولهم عذاب دائم كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ { كَانُواْ أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوٰلاً وَأَوْلَـٰدًا } يعني: لم ينفعهم أموالهم ولا أولادهم من عذاب الله شيئاً ولا ينفعكم أموالكم ولا أولادكم أيضاً { فَٱسْتَمْتَعُواْ بِخَلَـٰقِهِمْ } يعني: فانتفعوا بنصيبهم من الآخرة في الدنيا { فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلـٰقِكُمْ } كما يقول انتفعتم أنتم بنصيبكم من الآخرة في الدنيا { كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ } من الأمم الخالية { بِخَلَـٰقِهِمْ } أي بنصيبهم { وَخُضْتُمْ } في الباطل { كَٱلَّذِي خَاضُواْ } ويقال كذبتم الرسول كما كذبوا رسلهم { أُوْلَـٰئِكَ } يعني أهل هذه الصفة حبطت أعمالهم { حَبِطَتْ أَعْمَـٰلُهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلاْخِرَةِ } يعني: بطل ثواب أعمالهم. فلا ثواب لهم لأنها كانت في غير إيمان { وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَـٰسِرُونَ } يعني: في الآخرة. قوله تعالى: { أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ... }