الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ وَلَـٰكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ } * { لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَئاً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَّوَلَّوْاْ إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ } * { وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ فِي ٱلصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ } * { وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ سَيُؤْتِينَا ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّآ إِلَى ٱللَّهِ رَاغِبُونَ }

{ وَيَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ } يعني إنهم مؤمنون على دينكم في السر وهم كاذبون في ذلك القول { وَمَا هُم مِّنكُمْ } يعني ليسوا على دينكم في السر { وَلَـٰكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ } يعني: يخبثون. فأظهروا الإيمان وأسروا النفاق قوله تعالى: { لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً } يعني حرزاً يلجأون إليه { أَوْ مَغَـٰرَاتٍ } يعني الغيران في الجبل. وقال القتبي: كل شيء غرت فيه فغبت فيه غار { أَوْ مُدَّخَلاً } يعني: سرباً في الأرض { لَّوَلَّوْاْ إِلَيْهِ } يعني ذهبوا إليه وتركوك { وَهُمْ يَجْمَحُونَ } أي: يسرعون في المشي ومنه قيل: فرس جموع إذا ذهب في عدوه فلم يفته شيء ويقال الجمح مشي بين مشيتين وهو من لغات اليمن. قوله تعالى: { وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ فِي ٱلصَّدَقَـٰتِ } روي عن ابن كثير أنه قرأ يَلْمُزُكَ بضم الميم والباقون بالكسر وهما لغتان ومعناهما واحد. يقول من المنافقين من يطعنك ويعيبك، ويقال لمزته إذا عبته. وروى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري قال: " بينما رسول الله - عليه السلام - يقسم قسماً إذ جاءه ابن ذي الخويصرة، التميمي فقال اعدل يا رسول الله، فقال «ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل» فقال عمر رضي الله عنه يا رسول الله أتأذن لي فأضرب عنقه. فقال «دعه فإِن له أصحاباً يحقر أحدُكم صلاته مع صلاته وصيامه مع صيامه يمرقون من الدين كما يمْرُق السهم من الرمية آيتهم رجل أسود إحدي ثدييه مثل ثدي المرأة البضعة يخرجون على حين فرقة من الناس " ويروى " على حين الفتن من الناس " فنزلت فيهم { وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ فِي ٱلصَّدَقَـٰتِ } الآية. قال أبو سعيد أشهد أني سمعت هذا من رسول الله - عليه السلام - وأشهد أن علياً حين قتلهم وأنا معه أتى بالرجل بالنعت الذي نعته رسول الله - عليه السلام - وروي عن ابن عباس " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطى المؤلفة قلوبهم من الصدقات فقال أبو الخواص والنبي - عليه السلام - يعطي وروى بعضهم أبو الجواظ ألا ترون إلى صاحبكم يقسم صدقاتكم في رعاة الغنم؟ فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «لا أبالك أما كان موسى راعياً؟ أما كان داود راعياً؟» فذهب أبو الخواص فقال النبي - عليه السلام -« احذروا هذا وأصحابه " فنزل { وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ فِي ٱلصَّدَقَـٰتِ } { فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا } يعني الصدقات { رَضُواْ } بالقسمة { وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ } لا يرضون بالقسمة قوله تعالى: { وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَا ءاتَـٰهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ } يعني إنهم لو رضوا بما رزقهم الله تعالى وبما يعطيهم رسول الله من العطية { وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ } يعني يقيننا بالله { سَيُؤْتِينَا ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ } يعني سيعطينا الله من رزقه { وَرَسُولُهُ } يعني سيعطينا رسول الله من الغنيمة إذا كان عنده سعة وفضل { إِنَّا إِلَى ٱللَّهِ رٰغِبُونَ } يعني طامعون وراجون. ولم يذكر جوابه لأن في الكلام دليلاً عليه، ومعناه ولو أنهم فعلوا ذلك لكان خيراً لهم. ثم بين لهم موضع الصدقات فقال { إِنَّمَا ٱلصَّدَقَاتُ... }