الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ٱنفِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱثَّاقَلْتُمْ إِلَى ٱلأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا مِنَ ٱلآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا فِي ٱلآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ } * { إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ٱنفِرُواْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ } يعني في الجهاد { ٱثَّاقَلْتُمْ إِلَى ٱلأَرْضِ } يعني: تثاقلتم. فأدغم التاء في الثاء وأجلب الألف لتسكين ما بعد هذه يعني: قعدتم ولم يخرجوا. وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر الناس بالخروج إلى غزوة تبوك وكان في أيام الصيف حين اشتد الحر وطابت الثمار والظلال فكانوا يتثاقلون عن الخروج فعاتبهم الله فقال: { أَرَضِيتُمْ بِٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا مِنَ ٱلآخِرَةِ }. يقول آثرتم واخترتم عمل الدنيا على عمل الآخرة. { فَمَا مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } يعني: منفعة الدنيا { فِى ٱلأَخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ } يعني: بجنب منفعة الآخرة إلا ساعةً. ويقال معناها ما يتمتع به في الدنيا قليل عندما يتمتع به أولياء الله تعالى في الجنة. ثم خوفهم فقال { إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذّبْكُمْ } الله وأصله إن لا تنفروا. فأدغم النون في اللام ومعناه إن لم تنفروا. يعني إن لم تخرجوا إلى الغزو مع نبيكم - صلى الله عليه وسلم - يُعَذِّبْكُمْ { عَذَاباً أَلِيماً } يعني: يسلط عليكم عدوكم ويهلككم { وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ } خيراً منكم وأطوع لله تعالى { وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا } يقول ولا تنقصوا عن ملكه شيئاً بجلوسكم عن الجهاد { وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَيْء قَدِيرٌ } أن يستبدل بكم قوماً غيركم. قوله تعالى: { إِلاَّ تَنصُرُوهُ... }