الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ ٱلْحَاجِّ وَعِمَارَةَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } * { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ ٱللَّهِ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَائِزُونَ } * { يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ } * { خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُوۤاْ آبَآءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَآءَ إِنِ ٱسْتَحَبُّواْ ٱلْكُفْرَ عَلَى ٱلإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنكُمْ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ }

{ أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ ٱلْحَاجّ وَعِمَارَةَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ كَمَنْ ءامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلأخِرِ وَجَـٰهَدَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ } يعني كإيمان من آمن بالله وجاهد. وقال القتبي: أجعلتم سقاية الحاج يعني: صاحب سقاية الحاج كمن آمن بالله. ويقال أجعلتم سقاية الحاج كإِيمان من آمن بالله. كما قال في آية أُخرىلَّهُدِّمَتْ صَوَٰمِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَٰتٌ وَمَسَـٰجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا ٱسمُ ٱللَّهِ كَثِيراً } [الحج: 40] والصلوات لا تهدم وإنما أراد به بيوت الصلوات كما قالمِّن قَرْيَتِكَ ٱلَّتِىۤ أَخْرَجَتْكَ } [محمد: 13] يعني أهل قريتك، كذلك ها هنا سقاية الحاج. أراد به صاحب السقاية. قرأ بعضهم سُقَاة الحاج وعُمْرَةَ المسجد الحرام يعني جمع الساقي والعامر وهي قراءة شاذة. ثم قال { لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ ٱللَّهِ } يعني لا يستوون عند الله في الثواب والعمل عند الله { وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ } يعني: لا يرشد المشركين إلى الحجة، ويقال لا يكرمهم بالمعرفة ما لم يتركوا كفرهم. كما قال في آية أُخرىوَٱلَّذِينَ جَـٰهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا } [العنكبوت: 69] قوله تعالى: { ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَهَاجَرُواْ } يعني صدقوا بوحدانية الله يعني: وهاجروا إلى المدينة { وَجَـٰهَدُواْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمْوٰلِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ ٱللَّهِ } يعني هؤلاء أفضل عند الله وأفضل درجة في الجنة من الذين لم يهاجروا ولم يؤمنوا ولم يعمروا المسجد الحرام ولم يسقوا الحاج { وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَائِزُونَ } يعني: الناجون من النار. قوله تعالى: { يُبَشّرُهُمْ } يعني يفرحهم { رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مّنْهُ } يعني بالجنة منه { وَرِضْوَانٍ } يعني: رضي الله تعالى عنهم. كما قال في آية أُخرىرَضِىَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ } [المجادلة: 22] بالثواب الذي أعطاهم وقال { وَجَنَّـٰتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ } يعني: دائماً لا ينقطع عنهم { خَـٰلِدِينَ فِيهَا } يعني: مقيمين دائمين في الجنات { أَبَداً } هو تأكيد للخلود { إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ } وهي الجنة قوله تعالى: { يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ءابَاءكُمْ وَإِخْوٰنَكُمْ أَوْلِيَاء } يعني لا تتخذوا الذين بمكة أولياء. قال مقاتل: نزلت الآية في التسعة الذين ارتدوا عن الإسلام ولحقوا بمكة فنهاهم الله تعالى عن ولايتهم. وقال في رواية الكلبي: لما أُمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالهجرة إلى المدينة، فجعل الرجل يقول لامرأته ولأخيه إنا قد أمرنا بالهجرة فتخرج معه، ومنهم من تعلقت به زوجته وعياله فيقولون له تدعنا لمن حتى نضيع؟ فيرق لهم ويجلس معهم، فنزل { يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ءابَاءكُمْ وَإِخْوٰنَكُمْ أَوْلِيَاء } في الدين والعون { إِنِ ٱسْتَحَبُّواْ ٱلْكُفْرَ } يعني إن اختاروا الكفر { عَلَى ٱلإِيمَـٰنِ } ويقال اختاروا الجلوس مع الكفار على الجلوس مع المؤمنين { وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مّنكُمْ } بعد نزول هذه الآية { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ } الضارون بأنفسهم. قوله تعالى: { قُلْ إِن كَانَ... }