{ كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ } قال القتبي: معناه: كراهتهم فيما فعلته في الغنائم ككراهتهم الخروج معك. ويقال معناه أولئك هم المؤمنون حقاً كما أخرجك ربك [من بيتك بالحق.... قيل الحق هنا القرآن وقيل الحرب، ويقال لهم مغفرة ورزق كريم كما أخرجك ربك] من بيتك بالحق وإنْ كان فريقاً من المؤمنين لكارهون. فكذلك ننفل الغنيمة لمن نشاء وإنْ كرهوا ذلك. ويقال هذا ابتداء القصة ومعناه امض على وجهك كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقاً من المؤمنين لكارهون. قوله تعالى: { يُجَـٰدِلُونَكَ فِي ٱلْحَقّ } وكان هذا بعد خروجه إلى بدر. وكانت غزوة بدر في السنة الثانية من مقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وفي تلك السنة حولت القبلة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام وكانت غزوة بدر في شهر رمضان وكانت قصته أن النبي صلى الله عليه وسلم بلغه أن عير قريش خرجت من الشام فيهم أبو سفيان بن حرب ومخرمة بن نوفل في أربعين رجلاً من تجار قريش ويقال أكثر من ذلك. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: " هذه عير قريش قد أقبلت فاخرجوا إليها. فلعل الله أن ينفلكموها وتتقووا بها على جهاد عدوكم " ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلين من جهينة، حليفين من الأنصار بأن ينظرا ويأتيا بخبر العير، فخرجا وأتيا وادي الصفراء وهي منزل على طريق الشام، فقالا لأهل الصفراء هل أحسستم من أحد؟ قالوا لا، فخرجا فمرا بجاريتين متلازمتين، فقالت إحداهما للأخرى اقضيني درهماً لي عليك. فقالت لا والله ما عندي اليوم، ولكن عير قريش نزلت بموضع كذا، يقدمون غداً فأعمل لهم وأقضيك درهمك فسمع الرجلان ما قالت الجاريتان فرجعا، فجاء أبو سفيان بن حرب حين أمس الصفراء فقال لأهل الصفراء هل أحسستم من أحد؟ قالوا لا. إلاَّ رجلين نزلا عند هذا الكثيب ثم ركبا. فرجع أبو سفيان إلى ذلك الموضع فرأى هناك بعر الإبل فأخذ بعرة ففتها فوجد فيها النوى فقال علائق أهل يثرب واللات والعزى، فأرسل من الطريق ضمضم بن عمرو الغفاري إلى مكة يخبرهم أن محمداً صلى الله عليه وسلم قد اعترض لعيركم فأدركوه. وكانت عاتكة بنت عبد المطلب رأت قبل أن يقدم ضمضم بن عمرو بثلاثة أيام في منامها كأنّ راكباً أقبل على بعير أورق ومعه راية سوداء فدخل المسجد الحرام ثم نادى بأعلى صوته يا آل فلان ويا آل فلان انفروا إلى مصارعكم إلى ثلاث، ثم ارتقى على أبي قبيس ونادى ثلاث مرات ثم قلع صخرة من أبي قبيس فرماها على أهل مكة فتكسرت فلم يبق أحد من قريش إلا أصابته فلقة منها، فلما أصبحت قصت رؤياها على أخيها العباس وقالت إني أخاف أن يصيب قومك سوء، فاغتم العباس لما سمع منها وذكر العباس ذلك للوليد بن عتبة وكان صديقاً له فذكر الوليد ذلك لأبيه عتبة بن ربيعة فذكر ذلك عتبة لأبي جهل بن هشام وفشى ذلك الحديث في قريش فخرج العباس إلى المسجد وقد اجتمع فيه صناديد قريش يتحدثون عن رؤيا عاتكة.