الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي ٱلأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ ٱلدُّنْيَا وَٱللَّهُ يُرِيدُ ٱلآخِرَةَ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } * { لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ ٱللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَآ أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } * { فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيِّباً وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

{ مَا كَانَ لِنَبِىٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ } يقول ما ينبغي وما يجوز لنبي أن يبيع الأسارى. يقول لا يقبل الفدية عن الأسارى ولكن السيف { حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي ٱلأرْضِ } يعني: حتى يغلب في الأرض على عدوه. قرأ ابن كثير ونافع وابن عامر فإن تكن كلاهما بالتاء بلفظ التأنيث لأن لفظ المائة جماعة العدد مؤنت. وقرأ حمزة وعاصم وأبو عمرو الأولى خاصة بالياء والأُخرى بالتاء. وقرأ الباقون كليهما بالياء بلفظ التذكير لأن الفعل مقدم. وقرأ حمزة وعاصم وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً بنصب الضاد وجزم العين. وقرأ الباقون بضم الضاد ومعناهما واحد. ضَعْف وضُعْف وهما لغتان. وقرأ بعضهم ضُعَفاً بضم الضاد ونصب العين وهي قراءة أبي جعفر المدني يعني عجزة. قوله تعالى: { تُرِيدُونَ عَرَضَ ٱلدُّنْيَا } يعني أتريدون عرض الدنيا وهي الفداء؟ وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما أسروا الأسارى قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما. " ما ترون في هؤلاء الأسارى؟ " قال أبو بكر: هم بنو العم والعشيرة أرى لهم أن تأخذ منهم الفدية فتكون لنا عدة على الكفار ولعل الله يهديهم الإسلام. وقال عمر أرى أن تمكننا منهم فنضرب أعناقهم. فهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يفعل ما قال أبو بكر. قال عمر: فلما كان من الغد جئت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا هو وأبو بكر قاعدان يبكيان. فقلت يا رسول الله من أي شيء تبكي؟ فقال: " أبكي للذي عرض عليَّ لأصحابك من أخذهم الفداء " فنزل { مَا كَانَ لِنَبِىٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ }. وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " لو نزل من السماء عذاب ما نجا منه أحد غير عمر " قرأ أبو عمرو أَنْ تَكُونَ لَهُ أَسْرَى بلفظ التأنيث. والباقون بلفظ التذكير لأن الفعل مقدم. ثم قال { وَٱللَّهُ يُرِيدُ ٱلأخِرَةَ } يعني عز الدين { وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ } عزيز في ملكه حكيم في أمره. قوله تعالى: { لَّوْلاَ كِتَـٰبٌ مّنَ ٱللَّهِ سَبَقَ } يقول لولا أن الله أحل الغنائم لأمة محمد - عليه السلام - { لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ } يعني لأصابكم فيما أخذتم من الفداء { عَذَابٌ عَظِيمٌ } ثم طيبها لهم وأحلها لهم فقال عز وجل { فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَـٰلاً طَيّباً } وروى الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: لم تحل الغنيمة لقوم سود الرؤوس قبلكم. كان تنزل نار من السماء فتأكلها حتى كان يوم بدر فوقعوا في الغنائم فأحلت لهم فأنزل الله تعالى لَوْلاَ كِتَابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ.

السابقالتالي
2