الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَسْبُكَ ٱللَّهُ وَمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَى ٱلْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّئَةٌ يَغْلِبُوۤاْ أَلْفاً مِّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ } * { ٱلآنَ خَفَّفَ ٱللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوۤاْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّابِرِينَ }

{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ حَسْبُكَ ٱللَّهُ } يعني: حسبك الله بالنصرة والعون لك { وَمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ }. قال بعضهم مَنْ في موضع رفع ومعناه وحسبك من اتبعك من المؤمنين وهم الأنصار ويقال يعني عمر بن الخطاب. ويقال هذه الآية خاصة من هذه السورة نزلت بمكة حين أسلم عمر، وكان المسلمون تسعة وثلاثين. فلما أسلم عمر، تم عددهم أربعون وظهر الإسلام بمكة بإسلام عمر. وقال بعضهم: من في موضع النصب، يعني حسبك ومن اتبعك من المؤمنين وقال الضحاك: ومن اتبعك من المؤمنين حسبهم الله وهو ناصرهم في الدنيا والآخرة. ثم قال عز وجل: { يَـٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ حَرّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَى ٱلْقِتَالِ } يعني حثهم على قتال الكفار. { إِن يَكُن مّنكُمْ عِشْرُونَ صَـٰبِرُونَ } يعني محتسبين في الجهاد، { يَغْلِبُواْ مِاْتَيَينِ } يعني يقاتلوا مائتين ويثبتوا على القتال لينصرهم الله { وَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّاْتَةٌ } يعني محتسبة { يَغْلِبُواْ أَلْفًا مّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ } أمر الله تعالى. وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد. فإن يكن منكم مائة. صابرة يغلبوا ألفاً يوم بدر. جعل على كل رجل منهم قتال عشرة فرفعوا أصواتهم بالدعاء فضجوا فجعل على كل رجل قتال رجلين تخفيفاً من الله وهو قوله { ٱلئَـٰنَ خَفَّفَ ٱللَّهُ عَنكُمْ } يعني هوَّن الله عليكم القتال الذي افترضه عليكم يوم بدر. { وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً } يعني عجزاً عن القتال { فَإِن يَكُن مّنكُمْ مّاْئَةٌ صَابِرَةٌ } يعني محتسبة صادقة { يَغْلِبُواْ مِاْئَتَيْنِ } من المشركين { وَإِن يَكُن مّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ } من المشركين { بِإِذْنِ ٱللَّهِ } يعني: بأمر الله تعالى وبنصرته { وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَ } بالنصر لهم على عدوهم. وقال مقاتل: لم يكن فريضة ولكن كان تحريضاً فلم يطق المؤمنون فخفف الله عنهم بعد قتال بدر فنزل { ٱلئَـٰنَ خَفَّفَ ٱللَّهُ عَنكُمْ } وروى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال فرض على المسلمين أن لا يفر رجل من عشرة، ولا عشرة من مائة فجهد الناس وشق عليهم فنزلت هذه الآية الأُخرى { ٱلئَـٰنَ خَفَّفَ ٱللَّهُ عَنكُمْ } ففرض عليهم أن لا يفر رجل من رجلين ولا قوم من مثلهم فنقص من النصرة بقدر ما نقص من العدد. وروى عطاء عن ابن عباس قال: من فر من رجلين فقد فر ومن فر من ثلاثة لم يفر. قال الفقيه: إذا لم يكن معه سلاح ومع الآخر سلاح جاز له أن يفر. لأنه ليس بمقاتل. قوله تعالى: { مَا كَانَ لِنَبِيٍّ... }