الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } * { قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ } * { قَالَ يَٰقَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَٰكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ } * { أُبَلِّغُكُمْ رِسَٰلٰتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ } * { أَوَ عَجِبْتُمْ أَن جَآءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَٱذكُرُوۤاْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي ٱلْخَلْقِ بَصْطَةً فَٱذْكُرُوۤاْ ءَالآءَ ٱللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } * { قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ ٱللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَٰدِلُونَنِي فِيۤ أَسْمَآءٍ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنْتُمْ وَآبَآؤكُمُ مَّا نَزَّلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ فَٱنْتَظِرُوۤاْ إِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ ٱلْمُنْتَظِرِينَ } * { فَأَنجَيْنَاهُ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ }

قوله عز وجل: { وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً } (يعني أرسلنا إلى عاد نبيهم هوداً عطفاً على قوله لقد أرسلنا نوحاً إلى قومه أي وأرسلنا إلى عاد أخاهم) لم يكن هود أخاهم في الدين ولكن كان من نسبهم. قال السدي: كانت عاد قوماً من أهل اليمن فأتاهم هود فدعاهم إلى الإيمان وذكرهم ووعظهم فكذبوه. ويقال عاد اسم ملك ينسب القوم كلهم إليه. ويقال اسم القرية { قَالَ يَا قَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ } أي وحدوه { مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ } وقد ذكرناه { أَفَلا تَتَّقُونَ } عن الشرك و { قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ } وقد ذكرناه { إنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ } أي جهالة { وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ } بأنك رسول الله { قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ } جهالة { وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ ربِّ ٱلْعَالَمِينَ } إليكم { أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أمِينٌ } يعني كنت فيكم قبل اليوم أميناً فكيف تتهموني اليوم { أَوَ عَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِن رَّبِّكُمْ } يعني الرسالة والبيان { عَلَى رَجُلٍ مِّنكُمْ } تعرفون نسبه { لِيُنْذِرَكُمْ } بالعذاب { وَاذْكُرُوا إذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ } أي جعلكم خلفاء في الأرض بعد هلاك قوم نوح { وَزَادَكُمْ فِي ٱلْخَلْقِ بَسْطَةً } أي: فضيلة في الطول على غيركم. والخلفاء والخلائف جمع الخليفة.

قرأ ابن كثير وأبو عمرو بسْطة بالسين.

وقرأ حمزة بإشمام الزاي.

وقرأ الباقون بالصاد قال ابن عباس رضي الله عنهما كان أطولهم مائة ذراع وأقصرهم ستين ذراعاً. وروى إبراهيم بن يوسف عن المسيب عن الكلبي قال كان طول قوم عاد أطولهم مائة وعشرين ذراعاً وأقصرهم ثمانون ذراعاً - وقال مقاتل عن قتادة كان طول كل رجل منهم اثني عشر ذراعاً فذلك قولهلَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي ٱلْبِلَـٰدِ } [الفجر:8] ويقال كان بين نوح وبين آدم عشرة آباء كلهم على الإسلام. وكان إدريس جد أبي نوح ولم يكن بين آدم ونوح نبي مرسل، وكان إدريس نبياً ولم يؤمر بدعوة الخلق، ويقال أنزل عليه عشرون صحيفة، وقد آمن به كثير من الناس، وكان بين نوح وإبراهيم ألف سنة ويقال ألفان وأربعون سنة وكان بين إبراهيم وموسى ألف سنة وكان بين موسى وعيسى ألف سنة وبين عيسى ومحمد عليه السلام خمسمائة سنة. وكان هود بين نوح وإبراهيم فلما دعا قومه فكذبوه أنذرهم بالعذاب وقال إن الله تعالى يرسل عليكم الريح فيهلككم بها فاستهزؤوا به وقالوا أي ريح يقدر علينا، فأمر الله تعالى خازن الريح أن يخرج من الريح العقيم التي هي تحت الأرض مقدار ما يخرج من حلقة الخاتم كما قال في آية أخرىوَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلرِّيحَ ٱلْعَقِيمَ } [الذاريات: 41] فجاءتهم وحملت الرجال والدواب كالأوراق في الهواء فأهلكتهم كلهم فلم يبق منهم أحد.

السابقالتالي
2