الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَٰتِنَا وَٱسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ ٱلسَّمَآءِ وَلاَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ ٱلْجَمَلُ فِي سَمِّ ٱلْخِيَاطِ وَكَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلْمُجْرِمِينَ } * { لَهُمْ مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلظَّالِمِينَ } * { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } * { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَٰرُ وَقَالُواْ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي هَدَانَا لِهَـٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلاۤ أَنْ هَدَانَا ٱللَّهُ لَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلْحَقِّ وَنُودُوۤاْ أَن تِلْكُمُ ٱلْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }

قوله عز وجل: { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـآيَـٰتِنَا } أي بمحمد - صلى الله عليه وسلم - والقرآن { وَٱسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا } يعني استكبروا عن قبولها، ويقال عن النظر فيها { لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوٰبُ ٱلسَّمَاء } لأعمال الكفار أي ليس لهم عمل صالح يفتح لهم أبواب السماء، ويقال: لا تفتح لأرواحهم أبواب السماء إذا ماتوا. وقال بعضهم: أبواب السماء أي: أبواب الجنة. { وَلاَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ ٱلْجَمَلُ فِى سَمِّ ٱلْخِيَاطِ } أي: لا يدخلون الجنة أبداً كما لا يدخل الجمل في ثقب الإبرة وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه سئل عن الجمل فقال زوج الناقة، وقال الضحاك الجمل الذي له أربع قوائم. وقال بعض الناس: الجمل هو أشتر بالفارسية. وقال الحسن هو ولد الناقة. وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأ حَتَّى يَلِجَ الجُمَّل بضم الجيم وتشديد الميم وهو حبل السفينة الغليظ، وسئل عكرمة عن قوله: حتى يلج الجمل. قيل وما الجمل؟ قال الحبل الذي يصعد به النخل. قال سعيد بن جبير: هو حبل السفينة الغليظ. قرأ أبو عمرو لا تُفْتَحْ بالياء بلفظ التذكير بالتخفيف وقرأ الباقون بالتاء المشددة. فمن قرأ بالتأنيث فلأنها من جماعة الأبواب، ومن قرأ بالتذكير فلأن الفعل مقدم، ومن قرأ بالتشديد أراد به تكثير الفتح ومن قرأ بالتخفيف فتفتح مرة واحدة. وقرأ بعضهم في سُمِّ بضم السين وهي قراءة شاذة وهما لغتان. قال أبو عبيدة: كل ثقب فهو سم. ثم قال عز وجل { وَكَذٰلِكَ نَجْزِى ٱلْمُجْرِمِينَ } أي: هكذا نعاقب المشركين. ثم ذكر ما أوعدهم في النار فقال عز وجل { لَهُم مّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ } أي: فراش من النار { وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ } أي: مُغشاهم النار من فوق رؤسهم، ومعناه أن من تحتهم ناراً ومن فوقهم ناراً. كقوله:لَهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ ٱلنَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ } [الزمر: 16] ويقال لهم من جهنم مهاد أي: حظهم من جهنم كالمهاد، فأخبر عن ضيق مكانهم في النار { وَكَذٰلِكَ نَجْزِى ٱلظَّـٰلِمِينَ } نعاقب الكافرين. قوله عز وجل: { وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ } وذلك أن الله تعالى لما أخبر عن حال الذين كذبوا بآياته واستكبروا عن قبولها أخبر عن حال الذين آمنوا بآياته فقال { وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ } أي: صدقوا وعملوا الصالحات أي الطاعات والأعمال الصالحة { لاَ نُكَلّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا } أي: لا نكلف نفساً بعد الإيمان من العمل إلا بقدر طاقتها { أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ } يعني دائمون، ثم قال عز وجل { وَنَزَعْنَا مَا فِى صُدُورِهِم مّنْ غِلٍّ } قال بعضهم أي: في الدنيا أخرج الله تعالى الغل والحسد من قلوبهم وألف بين قلوبهم كما قال الله تعالىوَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ }

السابقالتالي
2