الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذ نَتَقْنَا ٱلْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُواْ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم بِقُوَّةٍ وَٱذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } * { وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِيۤ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ شَهِدْنَآ أَن تَقُولُواْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَـٰذَا غَافِلِينَ } * { أَوْ تَقُولُوۤاْ إِنَّمَآ أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلْمُبْطِلُونَ } * { وَكَذٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }

ثم قال تعالى: { وَإِذ نَتَقْنَا ٱلْجَبَلَ فَوْقَهُمْ } يقول قلعنا ورفعنا الجبل فوقهم { كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ } أي: كهيئة الغمام { وَظَنُّواْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ } أي: أنه يعني أيقنوا الجبل واقع بهم { خُذُواْ مَا ءاتَيْنَـٰكُم بِقُوَّةٍ } أي: قيل لهم اعملوا بما أعطيناكم من التوراة بقوة أي: بجد ومواظبة { وَٱذْكُرُواْ مَا فِيهِ } أي: اعملوا ما فيه من الحلال والحرام والأمر والنهي { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } المعاصي وذلك حين أبوا أن يقبلوا التوراة. فرفع الجبل فوقهم فقبلوا وقوله تعالى: { وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي ءادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ } أي: اذكر يا محمد إذا أخذ ربك ويقال معناه وقد أخذ ربك من بني آدم، من ظهور بني آدم { ذُرِّيَّتَهُمْ } يعني: أخذ ربك من ظهور بني آدم ذريتهم وقال بعضهم يعني الذرية التي تخرج وقتاً بعد وقت إلى يوم القيامة { وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ } فقال لهم { أَلَسْتَ بِرَبّكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ } يعني إنَّ كل بالغ تشهد له خلقته بأن الله تعالى واحد { شَهِدْنَا } يعني قال الله تعالى شهدنا { أَن تَقُولُواْ } أي لكيلا تقولوا، ويقال هذا كراهة أن يقولوا: { يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَـٰذَا غَـٰفِلِينَ }. وروي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: إن الله مسح على ظهر آدم فأخرج ذريته من صلبه كهيئة الذر، من هو مولود إلى يوم القيامة فقال لهم ألست بربكم قالوا بلى، شهدنا بأنك ربنا، قال بعضهم هذا التفسير لا يصح. وطعنوا فيه من وجوه. أحدها أن الرواية لم تصح لأنها رواية أبي صالح. وأبو صالح ليس ممن يعتمد على روايته لأنه روي عن الشعبي أنه كان يمر بأبي صالح ويفرك أذنه ويقول له إنك لم تحسن أن تقرأ القرآن فكيف تفسره بالرأي، قالوا ولأن هذا غير محتمل في اللغة لأنه قال من ظهورهم ولم يقل من ظهر آدم، قالوا ولأنه لا يجوز من الحكيم أن يخاطب الذر وإنما يجوز خطاب من هو عاقل، ومن كان مثل الذر كيف يجوز خطابه، قالوا ولأنه لا يجوز أن تكون حجة الله بشيء لم يذكر وإنما تكون الحجة بشيء يكون الإنسان ذاكراً له، قالوا ولأن الله تعالى قالرَبَّنَآ أَمَتَّنَا ٱثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا ٱثْنَتَيْنِ } [غافر: 11] ولم يقل أحييتنا ثلاث مرات. ولكن الجواب أن يقال إن الرواية صحيحة لأنّ الآثار قد جاءت عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما لا يجوز دفعه، فمن ذلك ما حدثنا الخليل بن أحمد. قال حدثنا الماسرخسي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم وهو ابن علية عن كلثوم بن جبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما... في قوله تعالى وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم.

السابقالتالي
2 3 4