الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ } * { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلطُّوفَانَ وَٱلْجَرَادَ وَٱلْقُمَّلَ وَٱلضَّفَادِعَ وَٱلدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَٱسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ } * { وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ ٱلرِّجْزُ قَالُواْ يٰمُوسَىٰ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا ٱلرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ } * { فَلَماَّ كَشَفْنَا عَنْهُمُ ٱلرِّجْزَ إِلَىٰ أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ } * { فَٱنْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي ٱلْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ } * { وَأَوْرَثْنَا ٱلْقَوْمَ ٱلَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ ٱلأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ ٱلْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ }

قوله تعالى: { وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن ءَايَةٍ } يقول متى ما تأتنا، ويقال كلما تأتينا، وروي عن الخليل أنه قال مهما تأتنا أصلها الشرطية أدخلت معها ما الزائدة كقوله متى ما تأتني آتك، وما زائدة، فكأنه قال ما تأتنا به. فأبدلوا الهاء من الألف وهكذا قال الزجاج { بِهِ مِن ءَايَةٍ } يعني بشيء من آية { لِّتَسْحَرَنَا بِهَا } يعني لتأخذ أعيننا بها { فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ } يعني بمصدقين بأنك مبعوث رسول الله، فغضب موسى عند ذلك فدعا عليهم قال الله تعالى: { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلطُّوفَانَ } وهو المطر الدائم من السبت إلى السبت حتى خربت بنيانهم وانقطعت السبل، وكادت أن تصير مصر بحراً واحداً. فخافوا الغرق فاستغاثوا بموسى فأرسلوا إليه. اكشف عنا العذاب نؤمن بك ونرسل معك بني إسرائيل، فدعا موسى ربه فكشف عنهم المطر، وأرسل الله عليهم الريح فجففت الأرض فخرج من النبات شيء لم يروا مثله بمصر قط، قالوا هذا الذي جزعنا منه خير لنا ولكنا لم نشعر به فلا والله لا نؤمن بك ولا نرسل معك بني إسرائيل فنقضوا العهد وعصوا ربهم. فمكثوا شهراً فدعا عليهم موسى فأرسل الله تعالى عليهم الجراد مثل الليل فكانوا لا يرون الأرض ولا السماء من كثرتها فأكل كل شيء أنبتته الأرض فاستغاثوا بموسىوَقَالُواْ يٰأَيُّهَ ٱلسَّاحِرُ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ } [الزخرف: 49] يعني يا أيها العالم سل لنا ربك ليكشف عنا العذاب ونؤمن بك ونرسل معك بني إسرائيل، فدعا موسى ربه فأرسل الله تعالى ريحاً فاحتملت الجراد وألقته في البحر. فلم يبق في أرض مصر جرادة واحدة، فقال لهم فرعون انظروا هل بقي شيء فنظروا فإذا هو قد بقي لهم بقية من كلئهم وزرعهم ما يكفيهم عامهم ذلك، قالوا قد بقي لنا ما فيه بلغتنا هذه السنة. فقالوا يا موسى لا والله لا نؤمن بك ولا نرسل معك بني إسرائيل، فمكثوا شهراً ثم دعا عليهم فأرسل الله تعالى عليهم القُمَّلَ، قال قتادة: القمل أولاد الجرادة التي لا تطير، وهكذا قال السدي، وذكر عن أبي عبيدة أنه قال: القمل عند العرب " الحمنان " وهو ضرب من القردان، فلم يبق من الأرض عود أخضر إلا أكلته. فأتاهم منه مثل السيل على وجه الأرض فأكل كل شيء في أرض مصر من نبات الأرض أو ثمر. فصاحوا إلى موسى واستغاثوا به وقالوا ادع لنا ربك هذه المرة يكشف عنا العذاب ونحن نطيعك ونعطيك عهداً وموثقاً لنؤمنن بك ولنرسلن معك بني إسرائيل، فدعا موسى ربه فأرسل الله تعالى ريحاً حارة فأحرقته فلم يبق منه شيء وحملته الريح فألقته في البحر. فقال لهم موسى أرسلوا معي بني إسرائيل.

السابقالتالي
2 3