الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَاهِدِ ٱلْكُفَّارَ وَٱلْمُنَافِقِينَ وَٱغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } * { ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱمْرَأَتَ نُوحٍ وَٱمْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ٱدْخُلاَ ٱلنَّارَ مَعَ ٱلدَّاخِلِينَ } * { وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ ٱمْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ٱبْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي ٱلْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَمَرْيَمَ ٱبْنَتَ عِمْرَانَ ٱلَّتِيۤ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ ٱلْقَانِتِينَ }

قوله تعالى { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ جَـٰهِدِ ٱلْكُفَّـٰرَ وَٱلْمُنَـٰفِقِينَ } يعني جاهد الكفار بالسيف وجاهد المنافقين بالقول والتهديد { وَٱغْلُظْ عَلَيْهِمْ } يعني اشدد عليهم يعني على كلا الفريقين يعني على الكفار بالسيف وعلى المنافقين باللسان { وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ } يعني إن لم يرجعوا ولم يتوبوا فمرجعهم إلى جهنم { وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } يعني بئس القرار وبئس المرجع.

قوله تعالى { ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً } يعني وصف الله شبهاً لكفار مكة وذلك أنهم استهزؤوا وقالوا إن محمداً - صلى الله عليه وسلم - يشفع لنا فبين الله تعالى أن شفاعته عليه السلام لا تنفع لكفار مكة كما لا تنفع شفاعة نوح لامرأته وشفاعة لوط لامرأته وذلك قوله { لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱمْرَأَتَ نُوحٍ } واسمها واعلة { وَٱمْرَأَتَ لُوطٍ } واسمها داهلة ويقال فيه تخويف لأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ليثبتن على دينه وطاعته ثم قال { كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَـٰلِحَيْنِ } يعني نوحاً ولوطاً عليهما السلام { فَخَانَتَاهُمَا } يعني خالفتاهما في الدين، وروي عن ابن عباس أنه قال ما زنت امرأة نبي قط وما كانت خيانتهما إلا في الدين، فأما امرأة نوح كانت تخبر الناس أنه مجنون وأما امرأة لوط كانت تدل على الأضياف، وقال عكرمة الخيانة في كل شيء ليس في الزنا { فَلَمْ يُغْنِينَا عَنْهُمَا مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً } يعني لم يمنعهما صلاح زوجهما مع كفرهما من الله شيئاً يعني من عذاب الله شيئاً { وَقِيلَ } لهما في الآخرة { ٱدْخُلاَ ٱلنَّارَ مَعَ ٱلدخِلِينَ } فكذلك كفار مكة وإن كانوا أقرباء النبي - صلى الله عليه وسلم - لا ينفعهم صلاح النبي - صلى الله عليه وسلم - وكذلك أزواجه إذا خالفنه ثم ضرب الله مثلاً للمؤمنين فقال عز وجل { وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً لّلَّذِينَ ءامَنُواْ } يعني بين الله شبهاً وصفة للمؤمنين الذين آمنوا { ٱمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ } فإنها كانت صالحة لم يضرها كفر فرعون فكذلك من كان مطيعاً لله لا يضره شر غيره، ويقال: هذا حث للمؤمنين على الصبر في الشدة يعني لا تكونوا في الصبر عند الشدة أضعف من امرأة فرعون صبرت على إيذاء فرعون { إِذْ قَالَتْ رَبِّ ٱبْنِ لِى عِندَكَ بَيْتاً فِى ٱلْجَنَّةِ } وذلك أن فرعون: لما علم بإيمانها فطلب منها أن ترجع فأبت ولم ترجع عن إيمانها فوتدها بأربعة أوتاد في يديها ورجليها وربطها وجعل على صدرها حجر الرحاء وجعلها في الشمس فأراها الله تعالى بيتها في الجنة ونسيت ما هي فيه من العذاب وضحكت فقالوا عند ذلك هي مجنونة تضحك وهي في العذاب وروى أبو عثمان النهدي عن سلمان الفارسي قالت كانت امرأة فرعون تعذب في الشمس فإذا ذرت أي طلعت الشمس وارتفعت أظلتها الملائكة بأجنحتها وأريت مقعدها من الجنة وروى قتادة عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال

السابقالتالي
2