الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱللَّهَ فَالِقُ ٱلْحَبِّ وَٱلنَّوَىٰ يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ ٱلْمَيِّتِ مِنَ ٱلْحَيِّ ذٰلِكُمُ ٱللَّهُ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ } * { فَالِقُ ٱلإِصْبَاحِ وَجَعَلَ ٱلْلَّيْلَ سَكَناً وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ حُسْبَاناً ذٰلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ }

وقوله تعالى: { إِنَّ ٱللَّهَ فَالِقُ ٱلْحَبِّ وَٱلنَّوَىٰ } يعني يشق الحبة اليابسة فيخرج منها ورقاً خضراً، ويقال: فالق الحب مثل البر والشعير والذرة والحبوب كلها، والنوى كل ثمرة فيها نوى، مثل الخوخ والمشمش والغيبر والاجاص { يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيّتِ وَمُخْرِجُ ٱلْمَيّتِ مِنَ ٱلْحَيِّ } ، وقد ذكرنا تأويله { ذَلِكُـمُ ٱللَّهُ } يعني هذا الذي يفعل بكم هو الله تعالى { فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ } يعني كيف تكفرون ومن أين تكذبون فذكر عيب آلهتهم. ثم دل على وحدانيته بصنعته ثم قال: { فَالِقُ ٱلإِصْبَاحِ } يعني خالق الإصباح، والإصباح والصبح واحد، ويقال: الإصباح مصدر أصبح يصبح إصباحاً، والصبح: إسم، وقال: فالق الإصباح: يعني خالق النهار { وَجَعَلَ ٱلَّيْلَ سَكَناً } قرأ أهل الكوفة حمزة والكسائي وعاصم (وجعل الليل) على معنى الخبر، وقرأ الباقون: (جاعل الليل سكناً) على معنى الإضافة يعني يسكن فيه الخلق. ثم قال: { وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ حُسْبَاناً } يعني وجعل الشمس والقمر حسباً، يعني: منازلها بالحساب لا يجاوزانه، إذا انتهيا إلى أقصى منازلهما رجعا، وهذا قول الكلبي. وقال مقاتل: { حُسْبَاناً } يعني يُعرف بها عدد السنين والحساب. وقال القتبي: { حُسْبَاناً } أي حساباً يقال: خذ كل شيء بحُسْبانه أي بحسابه. وقال الكلبي: ويقال: للشيء المعلق حسباناً. { ذٰلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ } يقول هذا فعل العزيز في ملكه، العليم بخلقه، لا فعل لأصنامكم فيه.