الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّيۤ أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { وَكَذَلِكَ نُرِيۤ إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ ٱلْمُوقِنِينَ }

قوله تعالى: { وَإِذْ قَالَ إِبْرٰهِيمُ لأَِبِيهِ ءازَرَ } وكان إسم أبيه تارح بن ناخور بلغة قومه وبلغة غيرهم كان آزر. وقال السدي: كان اسم أبيه آزر. وهكذا قال الكلبي. وقال بعضهم: لم يكن آزر إسم أبيه ولكن كان إسم كبير أصنامهم فقال أبوه لإبراهيم: ربي آزر فقال إبراهيم على وجه التعجب آزر { أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً }. وقال مجاهد: آزر ليس اسم أبيه وإنما هو اسم صنم وقال الضحاك: عن ابن عباس: إن في هذه الآية تقديماً فكأنه قال: أتتخذ آزر أصناماً آلهة يعني أتتخذ الصنم إلهاً. ويقال: آزر بلغتهم: المخطىء الضال، ومعناه وإذ قال إبراهيم لأبيه يا آزر (المخطىء، أتتخذ أصناماً آلهة.). وقرأ الحسن ويعقوب الحضرمي: (آزر) بالضم ويكون معناه: وإذ قال إبراهيم لأبيه يا آزر والقراءة المعروفة بالنصب لأنه على ميزان أفعل ينصرف فصار نصباً وهو بموضع الخفض، ولأنه اسم أعجمي، فلا ينصرف. ثم قال: { إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ } يعني في خطأ وجهل بَيِّنٍ بعبادتكم الأصنام. ثم قال { وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرٰهِيمَ مَلَكُوتَ } والملكوت والملك بمعنى واحد إلا أن الملكوت أبلغ مثل: رَهَبُوت، وَرَحَمُوت كما يقال في المثل: (رَهَبُوت خير من رَحَمُوت) يعني لأن ترهب خير من أن ترحم، يعني لما أن إبراهيم برىء من دين أبيه أراه الله ملكوت { ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ } يعني عجائب السموات والأرض { وَلِيَكُونَ مِنَ ٱلْمُوقِنِينَ } يعني لكي يكون من الموقنين والواو زيادة كقوله:وَلْنَحْمِلْ خَطَـٰيَـٰكُمْ } [العنكبوت: 12] يعني لكي نحمل وكذلك ها هنا ليكون من الموقنين يعني حتى يثبت على اليقين. قال بعضهم: صارت فرجة في السماء حتى رأى إلى سبع سماوات وصارت فرجة في الأرض حتى رأى إلى تحت الصخرة. ويقال: حين عرج به إلى السماء فنظر إلى عجائب السموات. وروي عن عطاء أنه قال: لما رفع إبراهيم في ملكوت السماوات أشرف على عبد يزني فدعا عليه فهلك، ثم أشرف على آخر يزني فدعا عليه فهلك، ثم رأى آخر فأراد أن يدعو عليه فقال له ربه: - عز وجل -: على رِسْلِك يا إبراهيم فإنك مستجاب لك، وإني من عبدي على إحدى ثلاث خلال: إما أن يتوب فأتوب عليه وإما أن أُخْرِج منه ذرية طيبة، وإما أن يتمادى فيما هو فيه فأنا من ورائه. أي أنا قادر عليه. وروي عن سلمان الفارسي أنه قال: لما رأى إبراهيم ملكوت السموات رأى عَبْداً على فاحشة فدعا عليه فهلك ثم رأى آخر على فاحشة فدعا عليه فهلك ثم رأى آخر على فاحشة فدعا عليه قال الله تعالى أَنْزِلوا عبدي كي لا يهلك عبادي. ويقال: إنه كان يقول: أنا أرحم الخلق فلما رأى المعصية فدعا عليهم قال الله تعالى: أنا أرحم بعبادي منك اهْبِط لعلهم يرجعون.

السابقالتالي
2