الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهُوَ ٱلْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ } * { ثُمَّ رُدُّوۤاْ إِلَىٰ ٱللَّهِ مَوْلاَهُمُ ٱلْحَقِّ أَلاَ لَهُ ٱلْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ ٱلْحَاسِبِينَ }

وقوله تعالى: { وَهُوَ ٱلْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ } يعني القادر الغالب عليهم { وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً } والحفظة جمع الحافظ مثل الكتبة والكاتب يعني به الملائكة موكلين ببني آدم ملكين بالليل وملكين بالنهار ويكتب أحدهما الخير والآخر الشر فإذا مشى يكون أحدهما بين يديه والآخر خلفه، فإذا جلس يكون أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله. كقوله:عَنِ ٱلْيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ قَعِيدٌ مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } [ ق: 17،18] ويقال: لكل إنسان خمسة من الملائكة: اثنان بالليل واثنان بالنهار والخامس لا يفارقه لا ليلاً ولا نهاراً وقوله تعالى: { حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ } يعني حضر أحدكم الوفاة عند انقضاء أجله { تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا } يعني ملك الموت وأعوانه { وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ } يعني لا يؤخرون طرفة عين. قرأ حمزة (توفيه) بلفظ التذكير بالإمالة. وقرأ الباقون: (توفته) بلفظ التأنيث لأن فعل الجماعة إذا تقدم على الإسم جاز أن يذكر ويؤنث. ويقال: معه سبعون من ملائكة الرحمة وسبعون من ملائكة العذاب فإذا قبض نفساً مؤمنة دفعها إلى ملائكة الرحمة فيبشرونها بالثواب ويصعدون بها إلى السماء، وإذا قبض نفساً كافرة دفعها إلى ملائكة العذاب فيبشرونها بالعذاب ويفزعونها ثم يصعدون بها إلى السماء ثم ترد إلى سجّين، وروح المؤمن إلى عليين { ثُمَّ رُدُّواْ إِلَىٰ ٱللَّهِ مَوْلَـٰهُمُ ٱلْحَقِّ } يعني يرد أمورهم إلى الله تعالى { أَلاَ لَهُ ٱلْحُكْمُ } ألا: كلمة التنبيه، ومعناه: اعلموا أن الحكم لله تعالى في خلقه ما يشاء ويقضي بينهم يوم القيامة { وَهُوَ أَسْرَعُ ٱلْحَـٰسِبِينَ } يعني إذا حاسب فحسابه سريع. ويقال: وهو أحكم الحاكمين وأعدل القاضين.