الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهُوَ ٱلَّذِي يَتَوَفَّٰكُم بِٱلَّيلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِٱلنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَىٰ أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }

قوله تعالى: { وَهُوَ ٱلَّذِي يَتَوَفَّـٰكُم بِٱلَّيْلِ } يعني يقبض أرواحكم في منامكم { وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم } يعني ما كسبتم من خير أو شر { بِٱلنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ } يعني من النوم في النهار، ويرد إليكم أرواحكم { لِيُقْضَىٰ أَجَلٌ مّسَمًّى } يعني ليتم أجلكم وتأكلون رزقكم إلى آخر العمر. قال بعضهم: إذا نام الإنسان تخرج منه روحه كما روي في الخبر " الأرواح جنود مُجَنَّدَة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف " يعني الأرواح إذا تعارفت وقعت الألفة بين الأبدان وإذا لم تتعارف الأرواح تناكرت الأبدان. وقال: إن الروح إذا خرجت في المنام من البدن يبقى فيه الحياة فلهذا تكون فيه الحركة والنفس، وإذا انقضى عمره خرجت روحه وتنقطع حياته وصار ميتاً لا يتحرك ولا يتنفس. فإن قيل: لو خرجت روحه فكيف لا يتوجع لخروجه إذا نام. قيل: لأنه يخرج بطيبة نفسه ويعلم أنه يعود، وأما إذا انقطع عمره خرج بالكره، فتوجع له، وقال بعضهم: لا تخرج منه الروح ولكن يخرج منه الذهن وهو الذي يسمى بالفارسية: (روان). وقال بعضهم: إنما هو ثقل يدخل في نفسه وهو سبب لراحة البدن وغذائه، كقوله:وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً } [النبأ: 9] أي: راحة ويقال: هذا أمر لا يعرف حقيقته إلا الله تعالى. وهذا أصح الأقاويل. وقوله تعالى { ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ } يعني مصيركم في الآخرة { ثُمَّ يُنَبّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }. من خير أو شر فيجازيكم بذلك.