الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَذٰلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِّيَقُولوۤاْ أَهَـٰؤُلاۤءِ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَآ أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِأَعْلَمَ بِٱلشَّٰكِرِينَ } * { وَإِذَا جَآءَكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَٰمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ ٱلرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوۤءًا بِجَهَٰلَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

ثم قال: { وَكذلِكَ فَتَنَّا } يقول: هكذا ابتلينا { بَعْضَهُم بِبَعْضٍ } يعني الشريف بالوضيع والعربي بالمولى والغني بالفقير { لّيَقُولواْ أَهَـؤُلاء مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَا } فلم يكن الاختبار لأجل أن يقولوا ذلك ولكن كان الاختبار سبباً لقولهم. وهكذا قوله تعالى:فَٱلْتَقَطَهُ ءَالُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً } [القصص: 8] فلم يأخذوه لأجل ذلك ولكن كان أخذهم سبباً لذلك فكأنهم أخذوه لأجل ذلك ها هنا. ما كان الاختبار لأجل أن يقولوا هؤلاء من الله عليهم من بيننا لأنهم كانوا يقولون: لو كان خيراً ما سبقونا إليه ومعناه: ليظهر الذين يقولون: هؤلاء من الله عليهم من بيننا. قال الله تعالى: { أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِأَعْلَمَ بِٱلشَّـٰكِرِينَ }. يعني بالموحدين منكم من غيرهم. قال الكلبي: فلما نزلت هذه الآية جاء عمر - رضي الله عنه - فاعتذر فنزلت هذه الآية: { وَإِذَا جَاءكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِـآيَـٰتِنَا } يعني عمر { فَقُلْ: سَلَـٰمٌ عَلَيْكُمْ } يعني قبلتُ توبتكم. ويقال: قبل الله عذركم ويقال: المعنى { وَإِذَا جَاءكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِـآيَـٰتِنَا } يعني الضعفة من المسلمين فابتدىء بالسلام وقل: سلام عليكم { كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ ٱلرَّحْمَةَ } يعني أوجب الرحمة وقبول التوبة { أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءَاً بِجَهَالَةٍ } يعني من ركب معصية وهو جاهل بركوبها وإن كان يعلم أنها معصية { ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ } بعد السوء { وَأَصْلَحَ } العمل { فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } (غفور) يعني متجاوز للذنوب (رحيم) حين قبل التوبة. ويقال: معناه من عمل منكم سوءاً ثم تاب يغفر له، فكيف من كان قصده الخير فهو أولى بالرحمة. وروى سفيان عن مجمع عن ماهان الحنفي قال: جاء قوم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أصابوا ذنوباً عظاماً فأعرض عنهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنزل: { وَإِذَا جَاءكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِـآيَـٰتِنَا فَقُلْ: سَلَـٰمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ ٱلرَّحْمَةَ }. قرأ عاصم وابن عامر (أنّه من عمل): بنصب الألف فإنه غفور بالنصب على معنى البناء، ومعناه: كتب أنه. وقرأ نافع: (أنه) بالنصب على معنى البناء (فإنه) بالكسر على معنى الابتداء. وقرأ الباقون: كلاهما بالكسر على معنى الابتداء.