الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي ٱلظُّلُمَاتِ مَن يَشَإِ ٱللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { قُلْ أَرَءَيْتَكُمْ إِنْ أَتَـٰكُمْ عَذَابُ ٱللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ ٱلسَّاعَةُ أَغَيْرَ ٱللَّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } * { بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَآءَ وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ } * { وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَىٰ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَٰهُمْ بِٱلْبَأْسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ } * { فَلَوْلاۤ إِذْ جَآءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ مَا كَانُواّ يَعْمَلُونَ }

ثم قال: { وَٱلَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا } يعني محمداً - صلى الله عليه وسلم - والقرآن { صُمٌّ } عن الخبر، فلا يسمعون الهدى { وَبُكْمٌ } يعني خرساً فلا يتكلمون بخير { فِي ٱلظُّلُمَـٰتِ } يعني في الضلالات { مَن يَشَآء ٱللَّهُ يُضْلِلْهُ } يعني يخذله فيموت على الكفر { وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَىٰ صِرٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ } يعني يستنقذه من الكفَر فيوفقه للإسلام. ثم قال: { قُلْ أَرَأَيْتُكُم } الكاف زيادة في بيان الخطاب { إِنْ أَتَـٰكُمْ عَذَابُ ٱللَّهِ } في الدنيا { أَوْ أَتَتْكُمْ ٱلسَّاعَةُ } يعني القيامة. ثم رجع إلى عذاب الدنيا فقال: { أَغَيْرَ ٱللَّهِ تَدْعُونَ } ليدفع عنكم العذاب { إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } بأن مع الله آلهة أخرى قوله تعالى: { بَلْ إِيَّـٰهُ تَدْعُونَ } قال أهل اللغة: بل للاستدراك والإيجاب بعد النفي، وإنما تستعمل في موضعين: أحدهما لتدارك الغلط، والثاني: لترك شيء وأخذ شيء آخر فها هنا بين أنهم لا يدعون غير الله تعالى، وإنما يدعون الله عنهم ليكشف عنهم العذاب { فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ } وإنما قرن بالاستثناء وبالمشيئة، لأن كشف العذاب فضل الله تعالى، وفضل الله تعالى يؤتيه من يشاء، ثم قال: { وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ } يعني تتركون دعاء الآلهة عند نزول الشدة. ثم ذكر حال الأمم الماضية لكي يعتبروا فقال عز وجل: { وَلَقَدْ أَرْسَلنَا إِلَىٰ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ } فكذبوهم على وجه الإضمار { فَأَخَذْنَـٰهُمْ بِٱلْبَأْسَاءِ } يعني بالخوف والشدة { وَٱلضَّرَّاءِ } يعني الزمانة والفقر وسوء الحال والجوع. وقال الزجاج: البأساء: الجوع، والضراء: النقص في الأموال والأنفس. { لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ } يعني لكي يرجعوا إليه، ويؤمنوا به قوله تعالى: { فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا } يقول: فهلا إذا جاءهم عذاباً { تَضَرَّعُواْ } إلى الله ويؤمنون به، حتى يرفع عنهم العذاب يعني أنهم لو آمنوا لدفع عنهم العذاب، ولكن أصروا على ذلك فذاك قوله تعالى: { وَلَـٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ } يعني جفت ويبست قلوبهم { وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } من عبادتهم الأصنام.