الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُوۤاْ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ } * { وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُواْ عَلَىٰ رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَـٰذَا بِٱلْحَقِّ قَالُواْ بَلَىٰ وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُواْ ٱلعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ } * { قَدْ خَسِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱللَّهِ حَتَّىٰ إِذَا جَآءَتْهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُواْ يٰحَسْرَتَنَا عَلَىٰ مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَىٰ ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَآءَ مَا يَزِرُونَ }

قوله تعالى: { وَقَالُوۤاْ: إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا } يعني ما هي إلا آجالنا تنقضي في الدنيا، فيموت الآباء، ويجيء الأبناء { وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ } بعد الموت فيبين الله تعالى حالهم يومئذ فقال: { وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُواْ } يعني عرضوا وسيقوا وحبسوا { عَلَىٰ رَبِّهِمْ } يعني عند ربهم وعند عذاب ربهم { قَالَ: أَلَيْسَ هَـٰذَا } يعني العذاب والبعث { بِٱلْحَقِّ قَالُواْ: بَلَىٰ وَرَبّنَا } أقروا في وقت لا ينفعهم الإقرار { قَالَ: فَذُوقُواْ ٱلعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ } به وتجحدونه. قوله تعالى: { قَدْ خَسِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاءِ ٱللَّهِ } يعني غبن الذين جحدوا بالله وبالبعث حين اختاروا العقوبة على الثواب { حَتَّىٰ إِذَا جَاءتْهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغْتَةً } يعني فجأة ومعناه أنهم جحدوا وثبتوا على جحودهم حتى إذا جاءتهم القيامة { قَالُواْ يَا حَسْرَتَنَا } يعني يا ندامتنا وخزينا والعرب إذا اجتهدت في المبالغة في الإخبار عن أمر عظيم تقع فيه جعلته نداء كقوله: { يَا حَسْرَتَنَا } ويٰوَيْلَتَنَا } [الكهف: 49] و (يا ندامتنا) { عَلَىٰ مَا فَرَّطْنَا } يعني ضيعنا وتركنا العمل { فِيهَا } يعني في الدنيا من عمل الآخرة { وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ } يعني آثامهم { عَلَىٰ ظُهُورِهِمْ } يعني إنهم يحملون آثامهم. وروى أسباط عن السدي قال: ليس من رجل ظالم يدخل قبره إلا آتاه ملك قبيح الوجه، أسود اللون. منتن الريح عليه ثياب دنسة فإذا رآه قال: ما أقبح وجهك فيقول: كذلك كان عملك قبيحاً فيقول: ما أنتن ريحك فيقول: كذلك كان عملك منتناً فيقول: من أنت؟ فيقول: أنا عملك. فيكون معه في قبره فإذا بعث يوم القيامة قال له إني كنت أحملك في الدنيا باللذات والشهوات فأنت اليوم تحملني. فيركب على ظهره حتى يدخله النار قال: وذلك قوله: { وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَىٰ ظُهُورِهِمْ } وذلك على سبيل المجاز يعني يحملون وبال ذلك [على ظهورهم] وعقوبته ويقال: وقرت ظهورهم من الآثام ثقلت وحملت وأصل الوزر في اللغة: هو الثقل. ثم قال: { أَلاَ سَاءَ مَا يَزِرُونَ } يعني يحملون.