{ وَإِن يَمْسَسْكَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ } يعني إن يصبك الله بشدة أو بلاء { فَلاَ كَـٰشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ } يعني لا يقدر أحد من الآلهة التي يدعونها ولا غيرها كشف الضر إلا الله تعالى. { وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ } يقول: وإن يصبك بسعة أو صحة الجسم فإنه لا يقدر أحد على دفع ذلك { فَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } من الغنى والفقر والعافية. ثم قال: { وَهُوَ ٱلْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ } الغالب والعالي عليهم. ويقال: القادر والمالك عليهم { وَهُوَ ٱلْحَكِيمُ } في أمره { ٱلْخَبِيرُ } بأفعال الخلق. ثم قال: { قُلْ: أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَـٰدةً } وذلك أن كفار مكة قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: يا محمد ألا وجد الله رسولاً غيرك وما نرى أحداً من أهل الكتاب يصدقك بما تقول، فأرنا من يشهد لك أنك رسوله. فقال الله تعالى: { قُلْ }: لأهل مكة { أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَـٰدةً } يعني حجة وبرهاناً. ويقال: من أكبر شهادة؟ فإن أجابوك وإلا فـ { قُلِ: ٱللَّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ } بأني رسول الله. والشهيد في اللغة: هو المبين وإنما سمى الشاهد شاهداً لأنه يبين دعوى المدعي بأمر الله نبيه - عليه السلام - بأن يحتج عليهم بالله الواحد القهار، الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور وخلقهم أطواراً. ثم قال: { وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ لأُنذِرَكُمْ بِهِ } يعني لأخوفكم بالقرآن يا أهل مكة { وَمَن بَلَغَ } يعني ومن بلغه القرآن سواكم فأنا نذير وبشير من بلغه القرآن من الجن والإنس. قال قتادة: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - " بلغوا عني ولو آية من كتاب الله تعالى، فمن بلغه فكأنما عاين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكلمه " وقال محمد بن كعب القرظي: من بلغه القرآن فكأنما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قرأ: { لأُِنذِرَكُمْ بِهِ وَمَن بَلَغَ } وقال مجاهد: { لأُِنذِرَكُمْ بِهِ } يعني أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -: { وَمَن بَلَغَ } يعني من العجم وغيرهم. ثم قال: { أَءِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ ٱللَّهِ ءَالِهَةً أُخْرَىٰ } من الأصنام فإن قالوا: نعم { قُل: لاَّ أَشْهَدُ } بما شهدتم ولكن { قُلْ } أشهد { إِنَّمَا هُوَ إِلَـٰهٌ وٰحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيء مِّمَّا تُشْرِكُونَ } من الأصنام والأوثان.