الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ أَغَيْرَ ٱللَّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } * { وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ ٱلأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ ٱلْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }

{ قُلْ أَغَيْرَ ٱللَّهِ أَبْغِي رَبًّا } يعني يقول: أعبد وأطلب رباً غيره { وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ } من خلقه في السموات والأرض، لأنهم كانوا يقولون له: نحن كفلاء لك بما يصيبك ومن تابعك فنزلت { وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا } يعني [إلا] لها أو عليها، إن كان خيراً فلها وإن كان شراً فعليها { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ } يعني لا تحمل نفس خطيئة نفس أخرى { ثُمَّ إِلَىٰ رَبّكُمْ مَّرْجِعُكُمْ } أي مصيركم في الآخرة { فَيُنَبّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } من الدين ويبين لكم الحق من الباطل بالمعاينة، ثم قال: { وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَـٰئِفَ ٱلأَرْضِ } يعني سكان الأرض من بعد إهلاك الأمم الخالية لأن النبي - عليه السلام - خاتم النبيين، وأمته قد خلفوا جميع الأمم. ويقال: خلائف يعني يخلف بعضكم بعضاً { وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَـٰتٍ } أي فضل بعضكم على بعض في المال والرزق { لِيَبْلُوَكُمْ فِيمَا ءاتَـٰكُمُ } يعني ليبتلي الموسر بالغِنَى ويطلب منه الشكر ويبتلي المُعْسِر بالفاقة ويطلب منه الصبر. ويقال: { لِيَبْلُوَكُمْ } يعني بعضكم ببعض كما قال الله تعالى:وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً } [الفرقان: 20]. ثم خوفه فقال: { إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ ٱلْعِقَابِ } كأنه جاء لأن " ما هو آتٍ فهو قريب " ، كما قال:وَمَآ أَمْرُ ٱلسَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ ٱلْبَصَرِ } [النحل: 77] { وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } يعني لمن أطاعه في فاقة أو غِنى. ويقال: { سَرِيعُ ٱلْعِقَابِ } لمن لم يشكر نعمته وكان مصراً على ذلك { وَأَنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } لمن رجع وتاب، رحيم بعد التوبة. ويقال: { سَرِيعُ ٱلْعِقَابِ } لمن لم يحفظ نفسه فيما أعطاه من فضل الله وترك حق الله في ذلك وإنه { لَغَفُورٌ } لمن تاب، { رَّحِيمٌ } بعد التوبة. قال الفقيه: قال: حدثنا أبو الحسن بن حمدان، بإسناده عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أنزلت علي سورة الأنعام جملة واحدة وشيعها سبعون ألف ملك لهم زجل بالتسبيح والتهليل والتحميد " قال وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " من قرأ سورة الأنعام، صلى عليه واستغفر له أولئك السبعون ألف ملك بعدد كل آية في سورة الأنعام يوماً وليلة ".