الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ ءَايَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ ءَايَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَٰنُهَا لَمْ تَكُنْ ءَامَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِيۤ إِيمَٰنِهَا خَيْراً قُلِ ٱنتَظِرُوۤاْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ }

قوله تعالى: { هَلْ يَنظُرُونَ } معناه أقمت عليهم الحجة وأنزلت عليهم الكتاب فلم يؤمنوا فماذا ينتظرون فهل ينتظرون { إِلا أَن تَأْتِيهُمُ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ } لقبض أرواحهم { أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ } يعني يأتي أمر ربك بما وعد لهم كقوله:فَأَتَـٰهُمُ ٱللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُواْ } [الحشر: 2] ويقال: أن تأتي عقوبة ربك وعذابه، وقد ذكر المضاف إليه، ويراد به المضاف كقوله تعالى:وَٱسْئَلِ ٱلْقَرْيَةَ } [يوسف: 82] يعني أهل القرية وكقوله:وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلْعِجْلَ } [البقرة: 93] يعني حب العجل كذلك ها هنا يأتي أمر ربك يعني عقوبة ربك وعذاب ربك، ويقال: هذا من المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله. { أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ } يعني طلوع الشمس من مغربها { يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ ءايَـٰتِ رَبِّكَ، لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا } حين طلعت الشمس من مغربها { لَمْ تَكُنْ ءَامَنَتْ مِن قَبْلُ } يعني أن الكافر إذا آمن في ذلك الوقت لا يقبل إيمانه لأنها قد ارتفعت المحنة حين عاينوها وإنما الإيمان بالغيب، ثم قال: { أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَـٰنِهَا خَيْرًا } يعني المسلم الذي يعمل في إيمانه خيراً كأن لم يقبل عمله قبل ذلك فإنه لا يقبل منه بعد ذلك ومن كان قبل من قبل ذلك فإنه يقبل منه بعد ذلك أيضاً أو كانت النفس مؤمنة ولم تكن كسبت خيراً قبل ذلك الوقت لا ينفعها الخير بعد. قال الفقيه: حدثنا الخليل بن أحمد بإسناده عن زر بن حبيش عن صفوان بن عسال المرادي قال: بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر إذ جاء أعرابي فسأله عن أشياء حتى ذكر التوبة فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - " للتوبة باب في المغرب مسيرة سبعين عاماً أو أربعين عاماً فلا يزال حتى يأتي بعض آيات ربك "

قال الفقيه: حدثنا الخليل بن أحمد قال: حدثنا السراج قال: حدثنا زياد بن أيوب عن يزيد بن هارون، عن سفيان بن الحسين عن الحكم عن إبراهيم التيمي عن أبيه، " عن أبي ذر قال: كنت رديف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على حمار وعليه بردعة أو قطيفة، فنظر إلى الشمس حين غابت فقال: " يا أبا ذر، هل تدري أين تغيب هذه؟ قلت الله ورسوله أعلم قال: فإنها تغرب في عين حمئة فتنطلق حتى تخر لربها ساجدة تحت العرش فإذا دنا خروجها أذن لها فخرجت فإن أراد الله أن يطلعها من مغربها حبسها فتقول: يا رب إن مسيري بعيد فيقول الله تعالى: اطلعي من حيث جئت فذلك قوله: { يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ ءايَـٰتِ رَبّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا } " وروي عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنه - أنه قال: لا يقبل الله من كافر عملاً ولا توبة إذا أسلم حين يراها إلا من كان صغيراً يومئذ فإنه لو أسلم بعد ذلك قُبِلَ ذلك منه ومتى كان مؤمناً مذنباً فتاب من الذنب قبلت منه.

السابقالتالي
2