الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَوْلاَدَكُمْ مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ ذٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } * { وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ ٱلْيَتِيمِ إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ ٱلْكَيْلَ وَٱلْمِيزَانَ بِٱلْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَٱعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ وَبِعَهْدِ ٱللَّهِ أَوْفُواْ ذٰلِكُمْ وَصَّـٰكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } * { وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }

ثم قال تعالى: { قُلْ: تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ } يعني قل لمالك بن عوف وأصحابه الذين يحرمون الأشياء على أنفسهم وقالوا ما قالوا أبين لكم ما حرم الله عليكم وما أمركم به { أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً } يقال: معناه أتل ما حرم ربكم عليكم فقد تم الكلام ثم قال: وأمركم ألا تشركوا به شيئاً { وَبِٱلْوٰلِدَيْنِ إِحْسَـٰناً } يقول نهاكم عن عقوق الوالدين وأمركم ببرهم. ويقال: معناه حرم عليكم ألا تشركوا به شيئاً، ويقال: عناه حرم عليكم الشرك { وَبِٱلْوٰلِدَيْنِ إِحْسَـٰناً } يعني أمركم بالإحسان إلى الوالدين { وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلَـٰدَكُمْ مّنْ إمْلَـٰقٍ } يعني من خشية الفقر { نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلْفَوٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ } زنى السر والعلانية { وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ } يعني إلا بالقصاص أو بالرجم أو بترك الإسلام فإن القتل بهذه الأشياء من الحقوق { ذٰلِكُمْ وَصَّـٰكُمْ بِهِ } يقول: أمركم به في القرآن { لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } أمر الله بما حرمه في هذه الآيات. وروي عن عبد الله بن قيس عن ابن عباس قال: هذه الآيات المحكمات: { قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ... } إلى ثلاث آيات. وقال الربيع بن خثيم لرجل: هل لك في صحيفة عليها خاتم محمد - صلى الله عليه وسلم -؟ ثم قرأ هذه الآيات: { قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ... } ويقال: هذه الآيات هن أم الكتاب وهن إمام في التوراة والإنجيل والزبور والفرقان ولا يجوز أن يرد عليها النسخ. ثم قال: { وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ ٱلْيَتِيمِ } يقول: لا تأكلوا مال اليتيم، ولا تباشروه { إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } يعني إلا بالقيام عليه لإصلاح ماله { حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ } يعني احفظوا ماله حتى يبلغ رشده. قال مقاتل: يعني ثماني عشرة سنة. وقال الكلبي: الأشُدُّ: ما بين ثماني عشرة إلى ثلاثين سنة. ويقال: حتى يبلغ مبلغ الرجل. ويقال: بلوغ الأَشد ما بين ثماني عشرة إلى أربعين سنة. ثم قال: { وَأَوْفُواْ ٱلْكَيْلَ وَٱلْمِيزَانَ } يعني أتموا الكيل والميزان عند البيع والشراء { بِٱلْقِسْطِ } يعني بالعدل { لاَ نُكَلّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا } يعني إلا جهدها في العدل يعني إذا اجتهد الإنسان في الكيل والوزن فلو وقعت فيه زيادة قليلة أو نقصان فإنه لا يؤاخذ به إذا اجتهد جهده { وَإِذَا قُلْتُمْ فَٱعْدِلُواْ } يعني اصدقوا وقولوا الحق { وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ } يعني وإن كان الحق على ذي قرابة فقولوا الحق، ولا تمنعوا الحق { وَبِعَهْدِ ٱللَّهِ أَوْفُواْ } يقول: أتموا العهود التي بينكم وبين الله، والعهد الذي بينكم وبين الناس { ذٰلِكُمْ وَصَّـٰكُمْ بِهِ } يقول: أمركم به في الكتاب { لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } يعني تتعظون فتمتنعون عما حرم الله عليكم. قرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص: (تذكرون) بتخفيف الذال وقرأ الباقون بالتشديد لأن أصله تتذكرون، فأدغم احدى التاءين في الذال.

السابقالتالي
2