الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنشَأَ جَنَّٰتٍ مَّعْرُوشَٰتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَٰتٍ وَٱلنَّخْلَ وَٱلزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلرُّمَّانَ مُتَشَٰبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَٰبِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُوۤاْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ } * { وَمِنَ ٱلأَنْعَٰمِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيْطَٰنِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } * { ثَمَٰنِيَةَ أَزْوَٰجٍ مَّنَ ٱلضَّأْنِ ٱثْنَيْنِ وَمِنَ ٱلْمَعْزِ ٱثْنَيْنِ قُلْ ءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ ٱلأُنثَيَيْنِ أَمَّا ٱشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ ٱلأُنثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَٰدِقِينَ } * { وَمِنَ ٱلإِبْلِ ٱثْنَيْنِ وَمِنَ ٱلْبَقَرِ ٱثْنَيْنِ قُلْ ءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ ٱلأُنْثَيَيْنِ أَمَّا ٱشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ ٱلأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ وَصَّٰكُمُ ٱللَّهُ بِهَـٰذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ ٱلنَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّٰلِمِينَ }

{ وَهُوَ ٱلَّذِي أَنشَأَ جَنَّـٰتٍ مَّعْرُوشَـٰتٍ } يعني خلق البساتين يعني الكروم وما يعرش، وهو الذي يبسط مثل القرع ونحو ذلك { وَغَيْرَ مَعْرُوشَـٰتٍ } يعني كل شجرة قائمة على أصولها { وَٱلنَّخْلَ وَٱلزَّرْعَ } يعني خلق النخل والزرع { مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ } يعني طعمه مثل الحامض والحلو والمر { وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلرُّمَّانَ مُتَشَـٰبِهاً } يعني المنظر { وَغَيْرَ مُتَشَـٰبِهٍ } يعني في الطعم { كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ } وإنما ذكر ثمره بلفظ التذكير لأنه انصرف إلى المعنى يعني ثمره الذي ذكرها، { وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ } يعني أعطوا زكاته يوم كيله ورفعه. قرأ أبو عمرو، وعاصم وابن عامر: (حصاده) بنصب الحاء وروى الحكم عن مقسم عن ابن عباس: قال: { وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ } قال: العُشْر ونصف العشر. وروى سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: { وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ } قال: عند الزرع أي يعطي القبض وهو بأطراف الأصابع ويعطي عند الصرام القبض ويدعهم يتتبعون آثار الصرام. وعن الربيع بن انس: { وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ } قال: لقاط السنبل. وقال الحسن: نسختها آية الزكاة. وقال إبراهيم: نسختها العشر ونصف العشر. وقال الضحاك: نسخت آية الزكاة كل صدقة في القرآن. وهكذا قال عكرمة، وقال سفيان سألت السدي عن قوله تعالى: وآتوا حقه يوم حصاده، قال هذه السورة مكية نسختها العشر ونصف العشر قلت عمن؟ قال عن العلماء.

قال الفقيه: الذي قال أنه صار منسوخاً (يعني أداؤه يوم الحصاد بغير تقدير صار منسوخاً، ولكن أصل الوجوب لم يصر منسوخاً) وبين النبي - عليه السلام - التقدير وهو العشر أو نصف العشر ثم قال: { وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ }. قال ابن عباس - رضي الله عنهما - عمد ثابت بن قيس إلى خمسمائة نخلة فصرمها وقسمها في يوم واحد فأمسى ولم يكن لأهله شيء فنزل: { وَلاَ تُسْرِفُواْ } يعني ولا تتصدقوا بكله، ودعوا لعيالكم شيئاً وروى عبد الرزاق، عن ابن جريج قال: جد لمعاذ بن جبل نخله، فلم يزل يتصدق حتى لم يبق منه شيء فنزل { وَلاَ تُسْرِفُواْ } ويقال: { وَلاَ تُسْرِفُواْ } يعني ولا تنفقوا في المعصية قال مجاهد: لو أنفقت مثل أبي قبيس ذهباً في طاعة الله تعالى ما يكون إسرافاً، ولو أنفقت درهماً في طاعة الشيطان، كان إسرافاً. وروي عن معاوية بن أبي سفيان أنه سئل عن قوله تعالى: { وَلاَ تُسْرِفُواْ } قال: الإسراف ما قصرت عن حق الله تعالى. ويقال: { وَلاَ تُسْرِفُواْ } يقول: لا تشركوا الآلهة في الحرث والأنعام وقد ذكر قوله: { كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ } بلفظ التذكير، لأنه انصرف إلى المعنى يعني من ثمر ما ذكرنا. ثم قال: { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ } يعني المشركين الذين يشركون الآلهة في الحرث والأنعام.

السابقالتالي
2