الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ يَٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَىٰ أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ } * { ذٰلِكَ أَن لَّمْ يَكُنْ رَّبُّكَ مُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَٰفِلُونَ }

ثم يقول لهم: { يَامَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ } يعني يقول لهم { أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ }. قال مقاتل: بعث الله تعالى رسولاً من الجن إلى الجن ومن الإنس إلى الإنس ويقال: رسل الجن [السبعة]، الذين سمعوا القرآن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجعوا إلى قومهم منذرين وقالوا: يا قومنا أجيبوا داعي الله. ويقال: ألم يأتكم رسل منكم، يعني من الإنس خاصة. وقال ابن عباس: كانت الرسل تبعث إلى الإنس وأن محمداً - صلى الله عليه وسلم - بعث إلى الجن والإنس. ثم قال { يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ } يقول: يقرأون ويعرضون عليكم { ءايَـٰتِي } يعني القرآن { وَيُنذِرُونَكُمْ } يعني يخوفونكم { لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا، قَالُواْ: شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا } يعني يقولون: بلى أقررنا أنهم قد بلغوا وكفرنا بهم. ثم قالت الرسل، وذلك بعدما شهد عليهم سمعهم وأبصارهم، يقول الله تعالى: { وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا } يعني ما في الحياة الدنيا من زهرتها، وزينتها { وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَـٰفِرِينَ } في الدنيا، ويقول الله تعالى:ٱلنَّارُ مَثْوَاكُمْ خَـٰلِدِينَ فِيهَآ } [الأنعام: 128] على وجه التقديم والتأخير. قوله تعالى: { ذٰلِكَ أَن لَّمْ يَكُنْ رَّبُّكَ مُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ بِظُلْمٍ } يعني ذلك السؤال والشهادة. ويقال: (ذلك) يعني إرسال الرسل إلى الجن والإنس، ليعلم أن لم يكن الله مهلك القرى، يعني معذب أهل القرى بغير ذنب في الدنيا { وَأَهْلُهَا غَـٰفِلُونَ } عن الرسل. ويقال: غافلون عن العذاب لأنه قد بين لهم وأخذ عليهم الحجة.