الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ ٱلْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِٱلْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ } * { وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } * { وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي ٱلأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ } * { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ }

وقوله تعالى: { أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً } يعني أعْبُدُ غير الله؟ ويقال: أأطلب القضاء من غير الله؟ { وَهُوَ ٱلَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ ٱلْكِتَـٰبَ مُفَصَّلاً } يعني مبيناً فيه أمره ونهيه بلغة يعرفونها. ويقال: مفرقاً سورة سورة وآية آية. { وَٱلَّذِينَ ءاتَيْنَـٰهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ } يعني مؤمني أهل الكتاب { يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مّن رَّبّكَ بِٱلْحَقِّ } يعني القرآن منزل من الله بالعدل. قرأ ابن عامر وعاصم في رواية حفص: (منزّل) بتشديد الزاي. وقرأ الباقون بالتخفيف ثم قال: { فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ } يعني الشاكين في أنه الحق. وأنه من الله تعالى خاطبه بذلك وأراد به غيره من المؤمنين لكي لا يشكوا فيه. قوله تعالى: { وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبّكَ } يقول: وجب قول ربك بأنه ناصر محمد - صلى الله عليه وسلم - وأن عاقبة الأمر به { صِدْقاً وَعَدْلاً } يعني صدقاً فيما وعد الله له من النصرة (وعدلاً) فيما حكم به { لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَـٰتِهِ } يقول: لا مغير لوعده كقوله:لَنَنصُرُ رُسُلَنَا } [غافر: 51] ويقال: { لاَ مُبَدّلَ لِكَلِمَـٰتِهِ } يعني لا ينقض بعضها بعضاً ولا يشبه كلام البشر. " وروى أنس بن مالك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: { وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً } قال: " هو قول لا إله إلا الله " { وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } " السميع " بما سألوا " العليم " بهم. ثم قال: { وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي ٱلأَرْضِ } يعني أهل أرض مكة فيما يدعونه إلى ملة آبائه. ويقال: وإن تطع أكثر من في الأرض يعني الكفار لأن أكثر من في الأرض كانوا الكفار { يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } يعني يصرفوك عن دين [الإسلام] { إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ } يعني أن أكثرهم يتبعون أكابرهم بالظن ويتبعونهم فيما لا يعلمون أنهم على الحق. فإن قيل: كيف يعذبون وهم ظانون على غير يقين؟ قيل لهم: لأنهم اقتصروا على الظن والجهل لأنهم اتبعوا أهواءهم ولم يتفكروا في طلب الحق. ويقال: { إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ } يعني في أكل الميتة واستحلالها { وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ } يعني ما هم إلا كاذبون باستحلالهم الميتة لأنهم كانوا يقولون: ما قتل الله فهو أولى بالحل وبأكله مما نذبحه بأيدينا. { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ } يعني: عن دينه وعن شرائع الإسلام { وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ } لدينه. قرأ أهل الكوفة: عاصم وحمزة والكسائي: (وتمت كلمة ربك) وقرأ الباقون: (كلمات) بلفظ الجماعة.