الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَٰرَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } * { وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ ٱلْمَلاۤئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ ٱلْمَوْتَىٰ وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُوۤاْ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ }

ثم قال: { وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَـٰرَهُمْ } يعني نترك قلوبهم وأبصارهم مغلقة كما هي، ولا أوفقهم { كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ } قبل نزول الآيات. ويقال: عند انشقاق القمر لما لم يعتبروا به ولم يؤمنوا فعاقبهم الله تعالى وختم على قلوبهم فثبتوا على كفرهم { وَنَذَرُهُمْ } يقول: وندعهم { فِي طُغْيَـٰنِهِمْ } يعني في ضلالتهم { يَعْمَهُونَ } يعني يترددون ويتحيرون فيه. ويقال: { كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ } يعني كما لم يؤمن به أوائلهم من الأمم الخالية لما سألوا الآية من أنبيائهم. قوله تعالى: { وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ ٱلْمَلاَئِكَةَ } [هذا جواب لقولهم: لولا أنزل إليه ملك، فيكون معه نذير قال الله تعالى: ولو أننا أنزلنا إليهم الملائكة] كما سألوا حتى يشهدوا بأنك رسول الله { وَكَلَّمَهُمُ ٱلْمَوْتَىٰ } بأنك رسول الله { وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً } قرأ نافع وابن عامر (قِبَلاً) بكسر القاف ونصب الباء. وقرأ الباقون: بالضم فمن قرأ بالضم فمعناه جماعة القبيل والقبيل: الكفيل، ويقال قبلا أي أصنافاً من الآدميين ومن الملائكة ومن الوحش. ومن قرأ: (قِبَلاً) بالكسر معناه وحشرنا عليهم كل شيء معاينة فعاينوه. { مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ } وهذا إعلام للنبي - صلى الله عليه وسلم - بأنهم لا يؤمنون كما أعلم نوحاً - عليه السلام -أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ ءَامَنَ } [هود: 36]. ثم قال: { إِلاَّ أَن يَشَاءَ ٱللَّهُ } يعني إلا من هو أهل لذلك فيوفقه الله تعالى ويقال: إلا أن يشاء الله يقول: قد شاء الله أن لا يؤمنوا حيث خذلهم ولم يوفقهم { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ } عن ذلك. ويقال: أكثرهم يجهلون الحق أنه من الله تعالى. ويقال: يجهلون ما في العلامة من وجوب هلاكهم بعد العلامة أن لم يؤمنوا.