الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحَآدُّونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُواْ كَمَا كُبِتَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنزَلْنَآ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ } * { يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوۤاْ أَحْصَاهُ ٱللَّهُ وَنَسُوهُ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } * { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَىٰ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُواْ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُواْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } * { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نُهُواْ عَنِ ٱلنَّجْوَىٰ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ ٱلرَّسُولِ وَإِذَا جَآءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ ٱللَّهُ وَيَقُولُونَ فِيۤ أَنفُسِهِمْ لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا ٱللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلاَ تَتَنَاجَوْاْ بِٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ ٱلرَّسُولِ وَتَنَاجَوْاْ بِٱلْبِرِّ وَٱلتَّقْوَىٰ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيۤ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } * { إِنَّمَا ٱلنَّجْوَىٰ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَيْسَ بِضَآرِّهِمْ شَيْئاً إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ }

قوله تعالى: { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحَادُّونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } يعني يعادون ويشاقون الله ورسوله ويقال يشاقون أولياء الله ورسوله يعني الذين يشاقون أولياء الله لأن أحداً لا يعادي الله ولكن من عادى أولياء الله فقد عادى الله تعالى ثم قال { كُبِتُواْ كَمَا كُبِتَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } قال مقاتل أخذوا كما أخذ الذين من قبلهم من الأمر ويقال عذبوا كما عذب الذين من قبلهم وقال أبو عبيد أهلكوا، ويقال غيظوا كما غيظ الذين من قبلهم، والكبت هو الغيظ ويقال أحزنوا وقال الزجاج أذلوا وغلبوا { وَقَدْ أَنزَلْنَا ءايَـٰتٍ بَيّنَـٰتٍ } يعني القرآن فيه بيان أمره ونهيه، ويقال آيات واضحات { وَلِلْكَـٰفِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ } يهانون فيه ثم قال { يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهِ جَمِيعاً } الأولين والآخرين يبعثهم الله من قبورهم { فَيُنَبّئُهُمْ بِمَا عَمِلُواْ } من خير أو شر ليعلموا وجوب الحجة عليهم { أَحْصَـٰهُ ٱللَّهُ وَنَسُوهُ } يعني حفظ الله عليهم أعمالهم وهم نسوا أعمالهم، ويقال ونسوه يعني وتركوا العمل في الدنيا { وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَىْء شَهِيدٍ } يعني شاهداً بأعمالهم. ثم قال { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ } يعني ألم تعلم، اللفظ لفظ الاستفهام والمراد به التقرير يعني أنك تعلم ويقال معناه إني أعلمتك أن الله يعلم { مَا فِي ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } يعني سر أهل السَّماوات وسر أهل الأرض { مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَـٰثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ } يعني لا يتناجى ثلاثة فيما بينهم ولا يتكلمون فيما بينهم بكلام الشر إلا هو رابعهم لأنه يعلم ما يقولون فيما بينهم { وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ } يعني كان هو سادسهم لأنه يعلم ما يقولون فيما بينهم { وَلاَ أَدْنَىٰ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ } يعني عالم بهم وبأحوالهم { أَيْنَمَا كَانُواْ } في الأرض { ثُمَّ يُنَبّئُهُم بِمَا عَمِلُواْ } يعني يخبرهم بما عملوا يوم القيامة من خير أو شر.

وذلك أن نفراً كانوا يتناجون عند الكعبة قال بعضهم لبعض لا ترفعوا أصواتكم حتى لا يسمع رب محمد - صلى الله عليه وسلم - ويقال إن المنافقين واليهود كانوا يتناجون فيما بينهم دون المؤمنين فامتنعوا من ذلك ثم عادوا إلى النجوى { يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلّ شَىْء عَلِيمٌ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نُهُواْ عَنِ ٱلنَّجْوَىٰ } يعني عن قول السر فيما بينهم { ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَيَتَنَـٰجَوْنَ بِٱلإثْمِ } يعني بالكذب { وَٱلْعُدْوَانِ } يعني بالجَوْرِ والظلم { وَمَعْصِيَتِ ٱلرَّسُولِ } يعني خلاف أمر الله وأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - قرأ حمزة (وينْجونَ) والباقون (ويتناجون) وهما لغتان يقال تناجي القوم وانتجوا ثم قال { وَإِذَا جَاءوكَ حَيَّوْكَ } يعني إذا جاؤوك اليهود حيوك { بِمَا لَمْ يُحَيّكَ بِهِ ٱللَّهُ } وذلك أنهم كانوا يقولون إذا دخلوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السام عليكم فيقول وعليكم فقالت عائشة رضي الله عنها وعليكم السام لعنكم الله وغضب عليكم فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -

السابقالتالي
2