الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأُزْلِفَتِ ٱلْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ } * { هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ } * { مَّنْ خَشِيَ ٱلرَّحْمَـٰنَ بِٱلْغَيْبِ وَجَآءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ } * { ٱدْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ ذَلِكَ يَوْمُ ٱلُخُلُودِ } * { لَهُم مَّا يَشَآءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ } * { وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشاً فَنَقَّبُواْ فِي ٱلْبِلاَدِ هَلْ مِن مَّحِيصٍ }

قوله عز وجل: { وَأُزْلِفَتِ ٱلْجَنَّةُ } يعني قربت وأدنيت الجنة { لِّلْمُتَّقِينَ } الذين يتقون الشرك والكبائر، ويقال زينت الجنة ثم قال عز وجل { غَيْرَ بَعِيدٍ } يعني ينظرون إليها قبل دخولها، ويقال غَيْرَ بَعِيدٍ، يعني دخولهم غير بعيد، فيقال لهم { هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ } في الدنيا { لِكُلّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ } أي مقبل إلى طاعة الله، حفيظ لأمر الله تعالى في الخلوات وغيرها، ويقال الأواب الحفيظ: الذي إذا ذكر خطاياه استغفر منها وروى مجاهد عن عبيد بن عمير مثل هذا قوله عز وجل { مَّنْ خَشِىَ ٱلرَّحْمَـٰنَ بِٱلْغَيْبِ } يعني يخاف الله عز وجل، فيعمل بما أمره الله، وانتهى عما نهاه، وهو في غيب منه { وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ } يعني مقبلاً إلى طاعة الله مخلصاً، ويقال لهم { ٱدْخُلُوهَا بِسَلامٍ } ذكر في أول الآية بلفظ الواحدان، وهو قوله " وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ " ثم ذكر بلفظ الجماعة وهو قوله { ٱدْخُلُوهَا } لأن لفظه من اسم جنس يقع على الواحد وعلى الجماعة، مرة تكون عبارة عن الجماعة، ومرة تكون عن الواحدان { ٱدْخُلُوهَا بِسَلامٍ } يعني بسلامة من العذاب والموت والأمراض والآفات { ذَلِكَ يَوْمُ ٱلُخُلُودِ } أي لا خروج منه قوله عز وجل { لَهُمْ مَّا يَشَآءونَ فِيهَا } يعني يتمنون فيها { وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ } يعني زيادة على ما يتمنون، من التحف والكرامات، ويقال هو الرؤية، وكقوله:لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ } [يونس: 26] ثم قال عز وجل { وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ } يعني قبل أهل مكة { هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشاً } يعني أشد من أهل مكة قوة { فَنَقَّبُواْ فِى ٱلْبِلَـٰدِ } يعني طافوا وتقلبوا في أسفارهم وتجاراتهم، ويقال تغربوا في البلاد { هَلْ مِن مَّحِيصٍ } يعني هل من فرار، وهل من ملجأ من عذاب الله.