الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ قَرِينُهُ هَـٰذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ } * { أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ } * { مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ } * { ٱلَّذِي جَعَلَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي ٱلْعَذَابِ ٱلشَّدِيدِ } * { قَالَ قرِينُهُ رَبَّنَا مَآ أَطْغَيْتُهُ وَلَـٰكِن كَانَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ } * { قَالَ لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِٱلْوَعِيدِ } * { مَا يُبَدَّلُ ٱلْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَآ أَنَاْ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ } * { يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمْتَلأَتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ }

قوله عز وجل { وَقَالَ قَرِينُهُ } يعني ملكه الذي كان يكتب عمله { هَـٰذَا مَا لَدَىَّ عَتِيدٌ } يعني هذا الذي وكلتني به قد أتيتك به، وهو حاضر، يقول الله عز وجل: { أَلْقِيَا فِى جَهَنَّمَ } يعني يقول للملكين: ألقيا في جهنم { كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ } وقال بعضهم هذا أمر للملك الواحد بلفظ الاثنين، وقال الفراء: يرى أصل هذا أن الرفقة أدنى ما تكون ثلاثة نفر، فجرى كلام الواحد على صاحبيه، ألا ترى أن الشعراء أكثر شيء قيلاً: يا صاحبي، ويا خليلي، قال الشاعر: فقلت لصاحبي لا تحبساني، وأدنى ما يكون الأمر والنهي في الإعراب اثنان، فجرى كلامهم على ذلك، ومثل هذا قول امرىء القيس:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل   
ويقال " أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ " على معنى تكرير الأمر يعني ألق ألق، وهو على معنى التأكيد، وكذلك في قوله: قفا معناه: قف قف، وقال الزجاج عندي أن قوله أَلْقِيَا أَمر للملكين، وقال بعضهم الأمر للواحد بلفظ الإثنين واقع في إطلاق العرب، وكان الحجاج: يقول يا حرسي اضربا عنقه { كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ } يعني كل جاحد بتوحيد الله تعالى، معرض عن الإيمان، وقال مقاتل يعني الوليد بن المغيرة، ويقال: هذا في جميع الكفار الذين ذكر صفتهم في هذه الآية، وهي قوله: { مَّنَّاعٍ لّلْخَيْرِ } يعني بخيلاً لا يخرج حق الله من ماله، ويقال «مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ» يعني يمتنع عن الإسلام { مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ } المعتدي: هو الظلوم الغشوم، والمريب: الشاك في توحيد الله تعالى قوله تعالى { ٱلَّذِى جَعَلَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً ءاخَرَ } يعني أشرك بالله عز وجل { فَأَلْقِيَـٰهُ فِى ٱلْعَذَابِ ٱلشَّدِيدِ } يعني في النار { قَالَ قرِينُهُ } يعني شيطانه { رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ } يعني لم يكن لي قوة أن أضله { وَلَـٰكِن كَانَ فِى ضَلَـٰلٍ بَعِيدٍ } يعني في خطأ طويل بعيد عن الحق، يقول الله تعالى لابن آدم وشيطانه { قَالَ لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَىَّ } أي لا تختصموا عندي { وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِٱلْوَعِيدِ } يعني أخذت عليكم الحجة، وأخبرتكم بالكتاب والرسول { مَا يُبَدَّلُ ٱلْقَوْلُ لَدَىَّ } يعني لا يغير قضائي وحكمي الذي حكمت، ويقال: لا يكذب وعيدي { وَمَا أَنَاْ بِظَلَّـٰمٍ لّلْعَبِيدِ } يعني لا أعذب أحداً بغير ذنب، ويقال: " مَا يُبَدِّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ " يعني لا يغير عن جهته، ولا يحذف منه، ولا يزاد فيه لأني أعلم كيف ضلوا، وكيف أضللتموهم، وروى سالم عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " ما منكم من أحد إلا وكل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة، قالوا: وإياك يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال وإياي، ولكن الله عز وجل أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير "

السابقالتالي
2