الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ ٱلرَّسِّ وَثَمُودُ } * { وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ } * { وَأَصْحَابُ ٱلأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُّبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ } * { أَفَعَيِينَا بِٱلْخَلْقِ ٱلأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ } * { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ ٱلْوَرِيدِ } * { إِذْ يَتَلَقَّى ٱلْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ ٱلْيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ قَعِيدٌ } * { مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } * { وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ } * { وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ ٱلْوَعِيدِ } * { وَجَآءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَآئِقٌ وَشَهِيدٌ } * { لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَآءَكَ فَبَصَرُكَ ٱلْيَوْمَ حَدِيدٌ }

{ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْم نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ } والرس: بئر دون اليمامة، وإن عليها قوماً كذبوا رسلهم فأهلكهم الله تعالى { وَثَمُودُ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوٰنُ لُوطٍ } يعني قومه { وَأَصْحَابُ ٱلأَيْكَةِ } يعني قوم شعيب { وَقَوْمُ تُّبَّعٍ } يعني قوم حمير، ويقال: تبع كان اسم ملك، وروى وكيع عن عمران بن جرير عن أبي مجلز قال جاء عبد الله بن عباس، إلى عبد الله بن سلام فسأله عن تبع فقال: كان تبع رجلاً من العرب ظهر على الناس وسبا على فتية من الأحبار، فكان يحدثهم ويحدثونه، فقال قومه إن تبعاً ترك دينكم، وتابع الفتية، فقال تبع للفتية: ألا ترون إلى ما قال هؤلاء؟ فقالوا: بيننا وبينهم النار التي تحرق الكاذب، وينجو منها الصادق، قال نعم، فقال تبع للفتية: ادخلوها، فتقلدوا مصاحفهم ثم دخلوها، فانفرجت لهم حتى قطعوها، ثم قال لقومه ادخلوها فلما دخلوا وجدوا حر النار، كفوا، فقال لهم لتدخلنها، فدخلوها فلما توسطوا، أحاطت بهم النار فأحرقتهم، وأسلم تبع وكان رجلاً صالحاً، ويقال كان اسمه سعد بن ملكي كرب، وكنيته أبو كرب { كُلٌّ كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ } يعني جميع هؤلاء كذبوا رسلهم { فَحَقَّ وَعِيدِ } يعني وجب عليهم عذابي، معناه: فاحذروا يا أهل مكة مثل عذاب الأمم الخالية فلا تكذبوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال عز وجل: { أَفَعَيِينَا بِٱلْخَلْقِ ٱلأَوَّلِ } قال مقاتل: يعني: أعجزنا عن الخلق الأول حين خلقناهم ولم يكونوا شيئاً، [فكذلك نخلقهم ونبعثهم، أي ما عيينا عن ذلك، فكيف نعيي عن بعثهم، ويقال: معناه أعيينا خلقهم الأول ولم يكونوا شيئاً لأن الذي قد كان فإعادته أيسر في رأي العين، من الابتداء، يقال: عييت بالأمر إذا لم تعرف وجهه، وقال الزجاج: هذا تقرير تقرر لأنهم اعترفوا في الابتداء أن الله عز وجل خلقهم ولم يكونوا شيئاً، ثم قال { بَلْ هُمْ فِى لَبْسٍ مّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ } يعني في شك من البعث بعد الموت، ويقال بل أقاموا على شكهم قوله عز وجل { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَـٰنَ } يعني جنس الإنسان، وأراد به جميع الخلق { وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ } يعني ما يحدث به قلبه، ويتفكر في قلبه { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ ٱلْوَرِيدِ } يعني في القدرة عليه، وحبل الوريد: عرق يخالط القلب ويقال هو العرق الذي داخل العنق، الذي هو عرق الروح فأعلمه الله تعالى أنه أقرب إليه من ذلك العرق، ويقال: الوريدان عرقان بين الحلقوم والعلباوين، والحبل هو الوريد، وأضيف إلى نفسه لاختلاف لفظي اسميه قوله عز وجل { إِذْ يَتَلَقَّى ٱلْمُتَلَقّيَانِ } يعني يكتب الملكان عمله ومنطقه، يعني يتلقيان منه ويكتبان، وقال أهل اللغة: تلقى وتلقف بمعنى واحد { عَنِ ٱلْيَمِينِ وَعَنِ ٱلشّمَالِ قَعِيدٌ } يعني عن يمين ابن آدم وعن شماله قاعدان، أحدهما عن يمينه.

السابقالتالي
2