الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاةِ فٱغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى ٱلْمَرَافِقِ وَٱمْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى ٱلْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَٱطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىۤ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّنَ ٱلْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَٱمْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِّنْهُ مَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { وَٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ ٱلَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } * { يَا أَيُّهَآ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ للَّهِ شُهَدَآءَ بِٱلْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىۤ أَلاَّ تَعْدِلُواْ ٱعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } * { وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ } * { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ أُوْلَـۤئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَحِيمِ } * { يَا أَيُّهَآ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ }

قوله تعالى: { يَـا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى ٱلصَّلـٰوةِ } يعني إذا أردتم أن تقوموا إلى الصلاة وأنتم محدثون، ويقال: إذا قمتم من نومكم إلى الصلاة { فٱغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى ٱلْمَرَافِقِ } يعني مع المرافق { وَٱمْسَحُواْ بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى ٱلْكَعْبَينِ } يعني مع الكعبين. قرأ ابن كثير وأبو عمرو، وحمزة، وعاصم، وفي رواية أبي بكر (وأرجلكم) بكسر اللام، وقرأ الباقون: بالنصب، فمن قرأ بالنصب فإنه جعله نصباً لوقوع الفعل عليه، وهو الغسل، يعني واغسلوا أرجلكم إلى الكعبين، ومن قرأ بالكسر، جعله كسراً لدخول [حرف الخفض] وهو الباء، فكأنه قال: وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم، يعني، إذا كان عليه خفان وقد ثبت ذلك بالسنة، ويقال: صار كسراً بالمجاورة، كما قال في آية أخرىوَحُورٌ عِينٌ } [ الواقعة: 22] قرأ بعضهم بالكسر بالمجاورة. فهذه الأربعة التي ذكرت في الآية من فرائض الوضوء، وما سوى ذلك آداب وسنن فإن قيل: الآية إذا قرئت بقرائتين، فالله تعالى قال بهما جميعاً، أو بإحداهما؟. قيل له: هذا على وجهين: إن كان لكل قراءة معنى غير المعنى الآخر، فالله تعالى قال بهما جميعاً، وصارت القراءتان بمنزلة الآيتين، وإن كانت القراءتان معناهما واحد فالله تعالى قال لأحدهما، ولكنه رخص بأن يقرأ بهما جميعاً. ثم قال تعالى: { وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَٱطَّهَّرُواْ } قد يوصف الجمع بصفة الواحد، كقوله: { وَإِن كُنتُمْ جُنُباً } وكقوله: { وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذٰلِكَ ظَهِيرٌ } قوله: { فَٱطَّهَّرُواْ } معناه، فتطهروا إلا أن التاء أدغمت في الطاء لأنهما من مكان واحد، فإذا أدغمت فيها، سكن أول الكلمة، وزيدت ألف الوصل للابتداء. ثم قال: { وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَٱطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىۤ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّنَ ٱلْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَٱمْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِّنْهُ } يعني من الصعيد، ثم قال: { مَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ } يقول: لا يكلفكم في دينكم من ضيق { وَلَـٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهّرَكُمْ } يعني: يطهركم من الأحداث والجنابة { وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ } بما أنعم من الرخص { لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } لكي تشكروا الله لما رخص لكم، ولم يضيق عليكم. قوله تعالى: { وَٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ } يقول: احفظوا منن الله عليكم بإقراركم بوحدانية الله تعالى، { وَمِيثَـٰقَهُ ٱلَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ } يعني يوم الميثاق، حين أخرجهم من صلب آدم عليه السلام، وقال:.. أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ؟ قَالُواْ: بَلَىٰ } [الأعراف: 172] هكذا قال في رواية الكلبي، ومقاتل، والضحاك. وقال بعضهم: هو الميثاق الجبلة والإدراك، فكل من أدرك فقد أخذ عليه الميثاق، وشهدت له خلقته وجبلته، فصار ذلك كالإقرار منه ثم قال: { إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا } يوم الميثاق، قلتم سمعنا قولك يا ربنا وأطعنا أمرك، ثم قال: { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } في نقض العهد والميثاق { إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } يعني: عالم بسرائركم.

السابقالتالي
2 3