الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ لَقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ ٱلْمَسِيحُ يَابَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيهِ ٱلْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ ٱلنَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ } * { لَّقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلاَّ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَىٰ ٱللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

قوله تعالى: { لَّقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ } وذلك أن نصارى أهل نجران يزعمون أنهم مؤمنون بعيسى فأخبر الله تعالى أنهم كافرون بعيسى، وأنهم كاذبون في مقالتهم وأخبر أن المسيح دعاهم إلى توحيد الله، وأنهم كاذبون على المسيح وهو قوله { وَقَالَ ٱلْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرٰءيلَ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ } يعني وحدوا الله وأطيعوه { رَبِّي وَرَبَّكُمْ } يعني خالقي وخالقكم ورازقي ورازقكم. ثم قال: { إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ } يعني ويموت على شركه { فَقَدْ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيهِ ٱلْجَنَّةَ } أن يدخلها { وَمَأْوَاهُ ٱلنَّارُ } يعني مصيره إلى النار { وَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ } يعني ليس للمشركين من مانع يمنعهم من العذاب. ثم أخبر أن الفريق الآخر من النصارى هم كفار أيضاً فقال: { لَّقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ: إِنَّ ٱللَّهَ ثَـٰلِثُ ثَلَـٰثَةٍ } فيه مضمر معناه: ثالث ثلاثة آلهة. ويقال: ثلث من ثلاثة آلهة يعني أباً وأماً وروحاً قدساً. يعني الله ومريم وعيسى. قال الله تعالى ردّاً عليهم: { وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلاَّ إِلَـٰهٌ وٰحِدٌ } يعني هم كاذبون في مقالتهم، ثم أوعدهم الوعيد إن لم يتوبوا فقال: { وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ } يعني إن لم يتوبوا ولم يرجعوا عن مقالتهم { لَيَمَسَّنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ } فهذا لام القسم فكأنه أقسم بأنه ليصيبهم { عَذَابٌ أَلِيمٌ } يعني إن أقاموا على كفرهم. ثم دعاهم إلى التوبة فقال: { أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَىٰ ٱللَّهِ } من النصرانية { وَيَسْتَغْفِرُونَهُ } عن مقالتهم الشرك فإن فعلوا فإن { وَٱللَّهُ غَفُورٌ } للذنوب { رَّحِيمٌ } بقبول التوبة. ويقال: قوله: { أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَىٰ ٱللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ } لفظه لفظ الاستفهام والمراد به الأمر فكأنه قال: توبوا إلى الله وكذلك كل ما يشبه هذا في القرآن، مثل قوله: (أتصبرون) يعني اصبروا. ثم بين الله تعالى أن المسيح عبده ورسوله، وبين الحجة في ذلك.